تعودنا في الأردن على أن توزيع المناصب توزع وفق ثلاثة معطيات، أولها: التوريث العائلي، وثانيها: الواسطة والمحسوبية للأصدقاء والمعارف والنسب، وثالثها: للموالاة الشديدة أحيانا مع بعض الدعم، ثم تطور هذا الموضوع إلى إرضاء بعض الموالاة المصطنعة، والمقصود بهذه الموالاة هم من قضى جزءا طويلا من حياته في كنف المعارضة ثم تحول فجأة إلى كنف الموالاة بقصد الحصول على مبتغاه وطموحه من المناصب، ومرت فترة زمنية تم توزيع بعض المناصب لبعض المعارضة من أجل إما إستقطابهم للموالاة، أو من أجل إسكاتهم.
أما الآن فقد ظهر نوع جديد من توريث المناصب وهو ما يسمى المنصب يورث منصباً، ومفاده أن بعض الأشخاص من ذوي الحظوة والدعم ممن تقاعدوا من منصب ما يتم تدويرهم إلى منصب آخر، إما مباشرة قبل أن يجف عرقه أو ينهي اجراءات تقاعده، أو بعد فترة زمنية بغض النظر عن كفاءة هذا الشخص وتقييمه خلال فترة توليه المنصب إن كان على قدر المسؤولية، وبغض النظر إن كان نظيفاً أو نزيها، أو تاريخه الوظيفي حافلا بالفساء أو شبهات الفساد، ولا تعرف لماذا أعيد اختيار هذا الشخص لهذا المنصب دون غيره من الكفاءات أو المتقاعدين، ولذلك أصبح المواطن لدينا ممن لا يملك الواسطة أو وراثة المنصب من والده أو حتى جده أو شقيقه أو أو إلخ ، في حيرة من أمره، هل يكون نزيها وذا كفاءة بالوظيفة ليتقلد منصبا قياديا، أم يتحول إلى كنف المعارضة ليجذب الأنظار طمعا في استرضائه واستقطابه لمنصب لإسكاته، أم يبقى في سلك الموالاة لعل وعسى وعلى أمل أن ينال حظه من المناصب ، بالرغم من المعاناة الاجتماعية التي يعانون منها من خلال تعرضهم للنقد والنعت بمصطلحات غريبة مثل السحيج، والمنافق مع "الإعتذار لاستخدام هكذا مصطلحات" أو دوار منصب أو بعض المصطلحات الدارجة في المجتمع الأردني والجميع يعرفها، ولذلك حينما يصل هذا الشخص إلى مرحلة الإحباط والقنوط، يبدأ بالتحول تدريجيا إلى سلك النقد وهكذا دواليك، أما الشخص الذي ليس له إرث من المناصب، ولا واسطة أو محسوب على أحد فلا حول ولا قوة له فيبقى في حيرة من أمره ويبقى في إنتظار رحمة الله، ولذلك وعلى رأي المثل احترنا يا قرعة من وين انبوسك، وفي النهاية يبدو أن هذا السلوك الحكومي من الصعب تغييره ، وتبقى قاعدة محمد يرث ومحمد لا يرث هي السائدة ، ونحن لسنا ضد أن يرث محمد ولكن نتمنى أن يكون محمد من ذوي الكفاءة والنزاهة والنظافة الوظيفية، وللحديث بقية.