مدار الساعة - ليث الجنيدي -
دقت أجراس الكنائس في الأردن، في تمام الساعة السادسة من مساء الأحد، إيذانا بدخول وقت الصلوات لليلة عيد الميلاد المجيد، وقد غابت الاحتفالات المعتادة فيما حضرت غزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي وإبادة. وكان مجلس رؤساء الكنائس في المملكة الأردنية أعلن، الجمعة، عدم تقبل المعايدات في عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية لهذا العام، والاكتفاء بالصلوات الكنسية.
وقال في بيان وصل الأناضول نسخة منه، إن قراره يأتي "احتراما لأرواح الشهداء في غزة، وعموم فلسطين، وتعبيرا عن تضامنه مع الأهل فيها، في ظل استمرار معاناتهم؛ بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم".
وتقام الاحتفالات للطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي في 25 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بينما تحتفل الطوائف التي تعتمد التقويم الشرقي في 7 يناير/ كانون الثاني المقبل.
من جانبه، رصد مراسل الأناضول أداء الصلوات في كنيسة "قلب يسوع الأقدس" بمنطقة تلاع العلي في العاصمة عمان، والتي شهدت غياب مظاهر الاحتفال السنوية التي اعتاد عليها مسيحيو الأردن كل عام.
وفور دخول الكنيسة يظهر التضامن مع فلسطين، حيث تزيّن أعلام الأردن وفلسطين والشماغ والكوفية وحمام السلام، شجرة الميلاد، التي وضعت في الزاوية اليُمنى للكنيسة.
ووضع أمام الهيكل جدار الفصل العنصري، الذي أريد منه الإشارة إلى معاناة الشعب الفلسطيني، حيث صعوبة الاحتفال بعيد بالميلاد في ظل الظروف التي يمرون بها.
كذلك وضع مجسم للطفل يسوع ملفوفا بالشماغ الأردني والكوفية الفلسطينية.
وتضمّنت الفعاليات دوران الأطفال مع الكهنة داخل الكنيسة والمشاركة بالصلوات والترانيم، لتعويضهم عن هدايا "بابا نويل وسنتاكلوز"، إذ فرض الحداد والحزن على غزة غيابها عنهم.
**كئيب وحزين
على هامش الصلوات، قال الأب رفعت بدر الذي ترأس القداس، للأناضول: "هذا العام جاء كئيبا وحزينا، وذلك حدادا على أرواح شهداء غزة والدعاء من أجل شفاء الجرحى والمصابين".
واعتبر بأنها جاءت "دعوة إلى المجتمع الدولي حتى يحكّم ضميره ويعمل على حل جذري للقضية الفلسطينية، وليس فقط إيقاف العدوان الحالي على غزة".
وتابع "نرجو الله أن يلهم صناع القرار في الوصول إلى حل نهائي وجذري لمعاناة الأشقاء الفلسطينيين التي طال أمدها".
واستدرك قائلا: "قرّرنا في مجالس الكنائس بالأردن أن تقتصر الفعاليات والاحتفالات بمولد السيد المسيح لهذا العام على الشعائر الدينية التي تتضمن القداس والصلوات والترانيم، وكانت أدعيتنا لغزة وكل فلسطين وبيت لحم التي حرمت الاحتفال هذا العام هي أيضا".
بدوره، قال المشارك مهند قزازي (37 عاما) للأناضول: "نحتفل هذه الليلة بعيد الميلاد، وقد أتيت مع زوجتي من كندا إلى الأردن لكي نحتفل في هذه الأرض، ومع الأسف هذه السنة الوطن العربي وكل العالم الذي له ضمير، موجوع بالأحداث في غزة".
وتابع "أتينا من كندا إلي بلدي الأردن لكي نعلن تضامننا مع الشعب العزيز في غزة، آملين وقف سفك الدماء في القريب العاجل، إن شاء الله".
وبيّن "بسبب هذه الكارثة التي حلت بأهلنا في غزة، هذه السنة ليس هناك أي احتفالات، فكيف نستطيع أن نحتفل بأعياد الميلاد والتي جاءت من أجل الإنسان، والإنسان مجروح، وهناك شلال من الدماء في وطننا وأرضنا غزة".
المشاركة مادلين معدي (46 عاما)، أشارت للأناضول "نمر بأسوأ حالاتنا في الأردن بسبب الأوضاع في غزة، وعيدنا بميلاد يسوع المسيح هو رمز ديني لنشر المحبة والسلام في كل أنحاء العالم (..) كل عام وأنتم بخير رغم الآلام والأوجاع والفقد والحرمان والإحباط التي نشعر بها، لكن سنبقى نوزع رسالتنا بالسلام والمحبة من الأردن وفلسطين وكل أرجاء العالم".
وعادة ما تتمثل مظاهر الاحتفال من خلال أشجار عيد الميلاد ومواكب احتفالية بالسيارات وانتشار لأزياء بابا نويل وغير ذلك من المظاهر.
** الملك: "يغيب السلام"
وفي منشور عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، كتب الملك عبد الله الثاني قائلا: "في الوقت الذي يحتفي العالم بعيد الميلاد المجيد، تغيب البهجة ويغيب السلام عن الأهل المسيحيين في الأراضي المقدسة".
وتابع: "لا يمكن لها أن تنعم بالسلام في ظل عدوان غاشم على الأهل في غزة، والتضييق على المصلين في القدس وبيت لحم".
وأضاف "أمنياتنا بالسلام لإخواننا وأخواتنا المسيحيين في فلسطين والعالم".
وسنويا، يصلّي المسيحيون بين 18 و25 يناير، من أجل وحدتهم، وهو تقليد متبع منذ أكثر من قرن، احتفالاً بعيد ميلاد السيد المسيح.
وحسب إحصاءات رسمية، تبلغ نسبة المسيحيين بين سكّان الأردن نحو 4 بالمئة، موزّعين على مناطق الكرك ومأدبا (جنوب)، وعمان والسلط والفحيص (وسط)، والزرقاء (شرق) وعجلون وإربد (شمال).
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى الأحد، 20 ألفا و424 قتيلا، و54 ألفا و36 جريحا معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفق إحصائيات سلطات القطاع والأمم المتحدة.