الحكمة تقتضي أن تكون الحكومة قد وضعت سيناريوهات عدة لمواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وأظنها قد فعلت.
ليس صحيحاً أن الحكومة غافلة أو أنها تتعامل بردات الفعل ففي المعلومات أن سيناريوهات عدة قد وضعت تبدأ بالاسوأ ثم الأقل سوءاً وهكذا فقد أنفق الفريق الحكومي ومجموعة الخبراء وقتا طويلا في إعدادها ليس على الورق فحسب لا باجراءات بعضها اتخذ وبعضها جاهزللتنفيذ عندما يحين وقته.
أخذت السيناريوهات بالاعتبار طول أمد العدوان والتداعيات المتوقعة، كما أخذت في الاعتبار تصاعد التوتر على الجبهات الاخرى وآثارها الاقتصادية والسياسية كما تحوطت للخطوات غير المتوقعة للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.
السيناريوهات أخذت بالاعتبار الاستمرار في بناء مخزون استراتيجي من الحبوب والمواد الغذائية لحماية السلع من التقلبات المفاجئة في الأسعار وتكاليف النقل والشحن.
السيناريوهات أخذت بالاعتبار أيضاً بدائل التزود بالطاقة تحسباً لأي طارئ وتحوطت للارتفاع المتوقع في أسعار الطاقة في حال انقطاع إمدادات الغاز لأي سبب.
وتخوفت أيضا للملاءة المالية التي تمنح الاقتصاد قدراً مريحاً لتمويل مستوردات الأردن من الغذاء والطاقة، هي سيناريوهات طوارئ كما تبدو.
التوقعات التي تحوطت لها الحكومة تبدو في المشهد واضحة فهناك ارتباك واضح في تكاليف الشحن بسبب التوتر المتصاعد في منطقة البحر الأحمر، وتأثير ذلك على تكاليف الشحن وقد بدأت وكالات الملاحة العالمية في تغيير مساراتها وبدأت أيضا في مضاعفة أجور شحن الحاويات.
لا تزال إمدادات الغاز تسير بوتيرة معتادة لكن ذلك لم يمنع الحكومة من اجراء اتصالات لتوفير البدائل لمواجهة أي طارئ وتحوطت ماليا لاختلاف فروقات الأسعار.
في الشق السياسي لن يتزحزح الموقف الأردني والجهود التي يبذلها الاردن لوقف العدوان فهو يقارع الاحتلال الاسرائيلي ليل نهار ويلاحق رواياته الزائفة في كل المحافل الدولية.
عندما نقول أن موقف الأردن مختلف ومتقدم فنحن نعني أنه موقف حر لا يخضع للإملاءات فهو بعيد عن محور إيران وهو ايضاً ليس في سلة الأطراف المجاملة لإسرائيل ومن الطبيعي أن يلقى من كلا المعسكرين ضغوطاً كبيرة احدى صورها تتجلى فيما يجري على حدوده الشمالية اما الاخرى فتتمثل في محاولات إسرائيل اختراق المجتمع الأردني بالشائعات وبالتشكيك بالموقف وبإطلاق متطرفيه للتهديدات بين فترة واخرى.