يعيش الأردن في محيط ملتهب لا يسمح له بالتنفس كثيراً، ومن يتابع على أرض الواقع يجد أن الواجهة الشمالية تشكل وجعاً وتهديداً مستمراً للأردن وبالأصح للعمق العربي، إن كان الذي نتحدث عنه هو المخدرات فكثير ما كان الإعلام الأردني يحاول تقديم الحالة على أنها تهديد حقيقي لهذه المادة سواء للداخل الأردني أو المحيط وتتفاوت شدة التفاعل مع الموضوع حسب الظروف والمعطيات.
وفي واقع الحال فإن الأردن الآن يعيش تهديداً حقيقياً يتجاوز المخدرات إلى أبعد من ذلك؛ فهذه الحشود التي تأتي إلى الحد الشمالي محاولة الاختراق ومجهزة بأسلحة متقدمة وصواريخ مما يجعل التفكير مختلفاً تجاهه فهل هذا الجيش هو سوري؟ أم مليشيات قادمة إلى الأرض السورية؟ لتحقيق أهداف يراد بها زعزعة الأردن وزعزعة استقراره بكل ما أوتوا من أساليب، وهناك نشامى الوطن يقفون على مدار الساعة لإحباط هذه المحاولات والتعامل مع هذا الواقع بكل الطرق قتلاً لهذه الآفة المتفشية بالدرجة الأولى إلا أن هذا المؤشر يأخذ بعداً آخر وهو أن هذه المليشيات لها من يدعمها ويقف ورائها لتحقيق أهداف مراد لها ويسعى لها بنفس طويل على استراتيجية بعيدة المدى وخصوصاً بعد السيطرة على أماكن عديدة في العراق وسوريا ولبنان، فالمبتغى الآن هو الأردن ولنتكلم بصوت عالٍ إن الأردن مستهدف طوال الوقت ولكن الإرادة السياسية المتوافقة مع الإرادة العسكرية تقف في وجه كل هذه الطموحات إلا إن ما ظهر في الآونة الأخيرة يوضح الفشل الذريع الذي كان يستهدف الأردن لإدخاله في حرب غير متوازنة وعند فشل هذه المحاولات كان لا بد من تحريك الواجهة الشمالية بشكل ملحوظ حيث قدم أبناء الوطن الجنود البواسل التضحية والاستشهاد في سبيل ذلك وهنا أجد واجب علي كمواطن أردني أن نبث الوعي بين أبنائنا ونفتخر باأردننا قيادة وشعباً ملتفين حول ثوابتنا الوطنية مدافعين عنها بالمهج والأرواح فمن يستهدف الأردن يستهدف أرضه وشعبه للوصول إلى أهدافه.
كان يمكن للأردنيين جميعاً التعامل مع الحدث لو كان الهدف المخدرات وإدخالها إنما ما شاهدناه هو تجهيز عسكري ومعركة حقيقية يراد منها تحقيق المشار إليه، وهنا أعتقد أن الأردنيين جميعاً أوعى من أن تمر عليهم مثل هذه الأساليب فكلنا جنود إن استدعى الموقف بالإضافة إلى التهديد القادم من الغرب على مستوى القطاع والضفة الغربية فنحن دائماً نرحب بإنهاء هذه المأساة والجلوس على طاولة المفاوضات والوصول إلى حلول ترضي الطرفين لأن المحاربة على عدة جبهات تضعف القوة وتزيد من خطورة الأعداء فنحن مع الحل ما بين المقاومة وقوات الاحتلال حتى نتمكن أن نتفرغ للتهديد القادم من الشمال محبطين فكرة الهلال الشيعي الذي يسري في الجسد كالسرطان.