أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

خيارات إسرائيل لمواجهة المخاطر التجارية عبر باب المندب (9)


أ.د.عبدالفتاح العبداللات
باحث ومتخصص في اقتصاديات الشرق الأوسط

خيارات إسرائيل لمواجهة المخاطر التجارية عبر باب المندب (9)

أ.د.عبدالفتاح العبداللات
أ.د.عبدالفتاح العبداللات
باحث ومتخصص في اقتصاديات الشرق الأوسط
مدار الساعة ـ
اعلنت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قبل عدة أيام نقلا عن قطاع التجارة البحرية الإسرائيلية توقف وصول حاويات تحمل بضائع عبر البحر الاحمر منذ أسبوعين، ومن المتوقع ايضا عدم وصول حاويات خلال الأربعة أسابيع القادمة وتحويل البعض نحو مضيق جبل طارق، فما هي الخيارات امام إسرائيل فيما يتعلق بالتجارة الدولية عبر البحر الاحمر؟
يعتبر مضيق باب المندب الخيار الأفضل للتجارة بين دول آسيا من جهة وأفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى ويربط بين البحر الاحمر من الجنوب بالمحيط الهندي وبحر العرب وخليج عدن، ويمر بالمضيق 10%- 12٪ من التجارة البحرية الدولية، بالتالي يمر بالمضيق 17الف سفينة سنويا، و6 ملايين برميل نفط يوميا او ثلث نفط العالم، و8% من تجارة الغاز المسال في العالم.
يفصل باب المندب بين جيبوتي في افريقيا واليمن في اسيا وتتحكم به كل من اليمن وجيبوتي وإريتريا ، وزادت اهميته عالميا بعد افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الاحمر بالبحر الابيض المتوسط، ويعبر من خلاله خمس الاستهلاك العالمي من النفط ،لذا اوجدت العديد من الدول قواعد عسكرية لها في جيبوتي والصومال وإريتريا.
أما مضيق جبل طارق فهو نقطة وصل بين أوروبا وأفريقيا ، ويربط بين البحر الابيض المتوسط والمحيط الأطلسي، ويقع بين جنوب إسبانيا وشمال افريقيا وطوله 58كم ، ويمر من خلاله 5% من تجارة النفط ، وسدس التجارة الدولية ، ونحو 260 سفينة يوميا ،ويحتاج مسار الشحن البحري من الصين او الهند عبر البحر الحمر مرورا بباب المندب وقناة السويس ثلاثة اسابيع وبعد اغلاق باب المندب والتوجه نحو مضيق جبل طارق من خلال طريق رأس الرجاء الصالح فتحتاج السفن إلى 6 اسابيع ،وتطول المسافة بأكثر 13 الف كم ، بالتالي ارتفاع تكاليف رسوم الشحن للحاوية الواحدة من 1500 دولار إلى 3000 دولار، وارتفاع رسوم التأمين على السفن البحرية وشحناتها بنسبة 100% بسبب زيادة المخاطر وطول المسافة ،بالتالي ارتفاع اسعار السلع .
وقد اعلن الفريق أسامه ربيع رئيس هيئة قناة السويس في 17 من الشهر الجاري أن عدد السفن التي تحولت للعبور عبر طريق رأس الرجاء الصالح من 19نوفمبر (تشرين الثاني) ولغاية تاريخه هي 55 سفينة مقابل مرور 2128 سفينة خلال نفس الفترة ، واضاف "قناة السويس ستظل الطريق الأسرع والاقصر حيث تصل معدلات توفير الوقت للرحلات المتجهة عبر قناة السويس بين قارتي آسيا وأوروبا من 9 أيام إلى أسبوعين وفقا لمينائي القيام والوصول " .
ان هذه التطورات سوف تؤدي إلى ارتفاع اسعار النقل والتأمين وتكاليف الانتاج والوقود ، وارتفاع اسعار النفط والغاز عالميا ، وبالتالي ارتفاع اسعار السلع عالميا ، وقد اعلنت شركة ميرسك الدانماركية وهي احدى اكبر شركات شحن الحاويات بالعالم انها ستوقف جميع عمليات الشحن بالحاويات عبر البحر الحمر حتى اشعار آخر وسلوك مسار حول أفريقيا والتوقف عن المرور عبر مضيق باب المندب .
وفي تقرير لموقع غلوبس المختص بالاقتصاد الإسرائيلي أشار إلى انه تم اصدار اوامر للموانئ الإسرائيلية بحجب بيانات السفن القادمة والمغادرة تجنبا للهجوم عليها من قبل جماعة الحوثي، وتمتلك إسرائيل موانئ على البحر الابيض المتوسط هي ميناء حيفا في الشمال وهو الميناء الأكبر والأقدم ، وأسدود في الجنوب ، حيث ان ميناء عسقلان القريب من غزة مغلق منذ عملية طوفان الاقصى، أما ميناء إيلات فهو المنفذ البحري الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر وهو ميناء صغير ومخصص لتصدير المواد الكيميائية ، وأصيب بالشلل بسبب هجمات الحوثين ، ويشكل هذا الميناء 3% من حركة السلع إلى إسرائيل ، وهو اكبر ميناء لاستيراد السيارات ، ويصل الميناء 44% من المركبات المستوردة.
وتعتمد إسرائيل في تجارتها الخارجية على الشحن البحري بنسبة 70%-90% ، وخصوصا مع دول شرق وجنوب شرق آسيا ، التي تعتمد على المرور عبر مضيق باب المندب وقناة السويس.
وحسب نفس الصحيفة ارتفعت أسعار النقل من الصين إلى ميناء أسدود في إسرائيل بنسبة 9%-14% ، وهذا سوف يؤدي إلى ارتفاع سعر شحن الحاويات وارتفاع تكاليف التأمين واحتمال تلف البضاعة.
وفي الثلاثين من الشهر الماضي أعلنت شركة الشحن البحرية الإسرائيلية (زيم ) تحويل مسار سفنها عن قناة السويس بسبب الأوضاع في بحر العرب وجنوب البحر الاحمر ، إلى رأس الرجاء الصالح ، الأمر الذي سيرفع من أجور الشحن وأسعار السلع بحدود 9% كحد أدنى ، وهذا سوف يزيد من الصعوبات التي يعاني منها الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني من ركود كبير نتيجة ارتفاع التكلفة اليومية للحرب ، وتكاليف التعويضات للمتضررين من الأفراد والشركات ،بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع بالنسبة للمستهلكين بنسبة 30-40%.
أن التجارة البحرية لإسرائيل تتم عبر سفنها أو سفن دول وشركات أخرى وعدد الافراد الذين مروا عبر الموانئ الإسرائيلية في عام 2022 (تجارة أو سياحة) بلغوا 387الف مسافر ، اما التجارة السلعية لإسرائيل فتشكل 34.6٪ من الناتج المحلي ، حيث بلغت صادرات إسرائيل من السلع 73.8مليار دولار، بزيادة مقدارها 10% عن عام 2021 وهي مقسمة كما يلي: 38% اوروبا ، 35% أمريكا ،24% آسيا ،والباقي أفريقيا واكرانيا .
اما الواردات فبلغت 107.2مليار دوﻻر ، بزيادة مقدارها 17% عن عام 2021، واستقبلت موانئ إسرائيل 40.6 مليون طن وصدرت 18.2مليون طن ،وتقدر حجم التجارة الإسرائيلية مع الدول الآسيوية ب 40 مليار دولار سنويا خلال عام 2022.
لكن اعتمادا على ما سبق ما هي الخسائر الإسرائيلية نتيجة تهديدات الحوثين باستهداف السفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى إسرائيل وما هي البدائل المتاحة ؟
1-ارتفاع اسعار البضائع وخصوصا الغذائية بسبب قلة البضائع في السوق نتيجة ارتفاع تكاليف الشحن البحري .
2-ضربة مؤلمة للتعاملات التجارية لأن بدائل الشحن البحري مكلفة .
3-قيام العديد من شركات الشحن العالمية بالتوقف عن المرور عبر باب المندب ، ومن اهمها :
شركة ميرسك الدانماركية ،شركة هاباج – ليود الألمانية ، إيفرجرين التايوانية ،شركة اورينت اوفر سيز كونتينر لاين من هونج كونج ( اوقفت التعامل مع البضائع الإسرائيلية تصدير او استيراد منذ السابع عشر من هذا الشهر لأشعار آخر )،شركة إم أس سي الإيطالية ،شركة سي ام ايه سي جي الفرنسية ، شركة بريتش بتروليوم البريطانية ،ناقلات النفط البلجيكية يوروناف، وهذه الشركات تملك أكثر من نصف سوق شحن الحاويات في العالم ، بالتالي استمرار هذه المخاطر سوف يعطل بدرجة كبيرة سلاسل التوريد البحرية العالمية .
4-اعلان الحكومة الماليزية حضر على جميع السفن المملوكة لإسرائيل او التي ترفع علم إسرائيل او متجه إلى إسرائيل من الرسو في موانئها، بالتالي من الممكن في حال استمرار العدوان على غزة قيام بعض الدول بنفس الإجراء .
5- أدراج سوق التأمين في لندن منطقة جنوب البحر الاحمر ضمن المناطق عالية المخاطرة وهذا يؤدي إلى دفع أقساط إضافية وزيادة الاسعار ، بالإضافة إلى تجنب الكثير من الشركات التعامل مع السفن الإسرائيلية والموانئ الإسرائيلية ، وارتفاع تكاليف النقل والأجور لكن البديل الأخر مكلف وهو النقل الجوي أو البري.
مدار الساعة ـ