انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

الجزيرة


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

الجزيرة

مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2023/12/18 الساعة 02:03
...في الربيع العربي, هاجمتُ الجزيرة.. كنا نشعر أنها تلعب على وتر السلم الأهلي, كنت أشعر أنا شخصيا أنها تحمل المشروع الإسلامي فقط, ولا تأخذ بالرأي الاخر..
الجزيرة الان تعمل في غزة فقط, لم تهاجم نظاما عربيا أبدا, لم تلعب على تناقضات المجتمعات العربية, لم تقم بتخوين أحد.. لم تقدم رأيا يخدم جهة عن دون غيرها, كل ما تفعله الجزيرة هو أنها الان تنقل الحقيقة فقط من غزة.
وهي المرة الأولى التي تجري فيها حرب بهذا الإتساع وهذه الدموية, ولم تقم دولة عربية باعتقال مراسل للجزيرة أو إغلاق مكتب لها.. الجزيرة تجاوزت مسألة المحطة الفضائية هي تقوم بدور قومي وإسلامي, هي منصة غزة الوحيدة.. وربما هي الفضائية الوحيدة أيضا التي استطاعت تعرية الإحتلال وجرائمه ولولاها لما عرفنا ماحدث في مستشفى كمال عدوان ولما رأينا حجم الجريمة, وأظن أن كل ما صورته وبثته سيستخدم مستقبلا كأدلة لدى الجنائية الدولية في لاهاي.
أستغرب من الذين يقولون انها: متصهينة, أستغرب من الذين ينتقدون عرضها لو جهة النظر الصهيونية.. لنتوقف قليلا عند مشهد أول أمس لحظة عرض ما بثه الكيان عن قنص مقاوم في النفق, الفيلم كان مهما جدا لأنه عرى التمثيلية الإسرائيلية وأظهر عدم وجود خصم.. وعرض الفيلم عبر مقارنة بين شاشتين لمشهد المقاومة وهي تقتل جنديا وتهاجم موقعا وتقوم بمصادرة سلاح الجندي.. وبين فتحة خاوية في الأرض صنعوا منها صيدا ثمينا, يؤكد أن هذه المحطة مارست التعرية التامة لفشل الإحتلال وجنوده.
في النهاية المقاومة وظفت الجزيرة, والجزيرة نقلت الحقيقة.. وانحازت للمبادئ القومية والإسلامية والأهم أنها انحازت للقضية, والأهم من كل ذلك أنها خرجت عن سياق الموقف القطري بكثير.. بل تجاوزته, في فترة من الفترات تصبح أدوار المحطات أهم من أدوار الدول ذاتها.. ولو عدنا للبي بي سي في حرب (الفوكلاند) سنكتشف أنها شحنت بريطانيا كاملة وألهبت الروح الوطنية, وهي من ساهمت بانتاج النصر.. حين عبر جيشها ألوف الكيلومترات للوصول إلى الجزر المحتلة.
في حياتي لم أخرج على شاشات الجزيرة إلا مرة واحدة, ولا أشعر برغبة بالظهور عليها.. ولكنها وفرت منبرها للكثير من الأردنيين الذي كان يجب أن يسمع صوتهم محليا مثل اللواء (فايز الدويري), واحتضنت المئات منهم, وفي الأزمة الأخيرة مارست الحيادية في نقل صور التظاهر.. وقدمت الحقيقة ولم تشتبك مع سلطات أي بلد عربي.
علينا أن ندرك خطورة الإعلام, القصة ليست في المال أبدا.. فما أنفقته بعض الدول على رحلات الصيد, واليخوت أعلى من كلفة الجزيرة.. ولكن القصة تكمن في التحالف مع الوعي ..قطر استوردت الوعي, والوعي هو الذي أسس الجزيرة وصنع منها حالة لا تقل أهمية عن أهمية المقاومة.. وفي النهاية يأتيك الذين يتهمونها بالتصهين والمؤامرة.. وتكتشف أن كل أخبارهم يستقونها من هذه المحطة.. وشاشات منازلهم مفتوحة على مدار الساعة عليها, وعيونهم لا تغادرها..
شكرا للجزيرة فقد قاتلت هذه المرة بشراسة, وسقطت حجج من يقولون انها تحرض الشارع أو أنها تمس السلم الأهلي أو أنها.. تجامل الكيان.
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2023/12/18 الساعة 02:03