لطالما كانت الرؤية الملكية تنظر للشباب الأردني على أنه الأمل والمستقبل ، ولطالما كانت المنظومة السياسية تحدث في سبيل إشراك الشباب الأردني ذكورا وإناث في صنع القرار .
هذه الرؤية الملكية تجسدت في بزوغ فجر جديد للعمل السياسي الحزبي ، وهذه المرة كانت صنعا أردنيا خاصا ، أعدت القوانين واقرت واستكملت مراحلها الدستورية واليوم لدينا التشريع الناظم ونحتاج للممارسة الفضلى .
لا يخفى على أحد من المطلعين على الواقع الحزبي ؛ أننا بحاجة لمزيد من التثقيف والوعي في كافة مفاصل العملية الحزبية ، ولنكن أكثر واقعية بأن العمل الحزبي ما زال يمارس بشكل فردي بالرغم من إتمام الأحزاب السياسية لشكليتها القانونية .
فاليوم الأحزاب تحتاج للتغير في طريقة التعاطي ابتداء مع الفئة الأكبر في الأردن من حيث عدد السكان وهم الشباب ، فالأرقام التي تصل عن انضمام الشباب للأحزاب ما زالت متواضعة ، فهذا يعطي مؤشرا واضحا في عدة اتجاهات .
الاتجاه الاول : أن الأحزاب لم تفعل أدواتها لاستقطاب الشباب .
الاتجاه الثاني : أن الأحزاب انشغلت في البداية في البحث عن المنتسبين للتشكيل ، وأغفلت بشكل وبآخر الاتجاه نحو الشباب .
الاتجاه الثالث : قلة الاهتمام الشبابي في الانضمام للأحزاب ، وقد تكون لأسباب قديمة متعلقة بالخوف من الانتساب ، أو عدم الرغبة في الانخراط في العمل الحزبي السياسي.
الاتجاه الرابع : أن الأحزاب لم تصل بعد لطلبة الجامعات ، حيث أن البرامج والخطط لا زالت غير ناضجة ، بمعنى أننا لا زلنا لم نصل إلى طريقة فضلى في كيفية جذب الطلبة للأحزاب ، بالرغم من وجود العديد من الأبواب المفتوحة لتقديم الطروحات .
الجامعات الأردنية سواء الخاصة أو العامة ، تضم الآلاف من الشباب الواعي المثقف ، تحتاج الأحزاب اليوم لنماذج شبابية جامعية تقود حملات واسعة لنشر المرتكزات والمبادئ التي ستشكلها الاحزاب ، ولتكن أهداف الأحزاب في الوصول لهم ودعوتهم للانتساب، بعد القيام بوضع البرامج والتصورات التي تراعي الامكانيات الوطنية .
وفي حقيقة الامور نقر بالصعوبات الجمة التي تلاحق الشباب ، بالإضافة للرواسب المتعلقة في الأذهان من الاخطار المترافقة مع الانضمام للأحزاب ، فمسألة انضمام الشباب الجامعي للأحزاب مسألة معقدة تحتاج لمزيد من التحاور والنقاش ، فهم لا يحتاجون للندوات والورش واللقاءات ، بل يحتاجون للحوار والنقاش مهما كان سقف الحوار ، فالمطلوب أن نصل للتشاركية والتخاطب ، لنصل إلى شباب جامعي حزبي ، يمارس أدواره بكل ثقة وأمان .
والحقيقة الأخرى أننا لم نعد نمتلك ترف الوقت ، ولكننا يجب ان نتحلى بالصبر في الجذب للأحزاب ، فالانتخابات في الجامعات بدأ يدق جرسها معلنا عودة حياة التنافس الطلابي للوصول لسدة اتحاد الطلبة ، فهذا يعطي الطلبة حافزا للانخراط في العملية السياسية ، كونها تعد تجربة مصغرة عن التجربة الاكبر وهي الانتخابات النيابية .
كما أن ممارسة الطلبة للنشاط الحزبي داخل مؤسسات التعليم العالي ، يرتبط بمجموعة من الضوابط ، ولابد من قيام الأحزاب أولا من فهم ذلك جيدا عبر منسوبيها داخل الجامعات ، وتسهيل انسيابية ممارسة العمل الحزبي بين الطلبة من خلال الطلبة ثانيا .
ولا نغفل الانتخابات النيابية القادمة ، والتي أكد جلالة الملك المعظم على إجراءها في مودعها أي قبل نهاية العام القادم ، والتي تعقد عليها آمال كبيرة لترجمة الرؤى والتصورات ،وهو ما يستدعي ويحتاج لقيام الهيئة المستقلة للانتخاب بتكثيف اللقاءات مع مختلف القطاعات ، في سبيل الوصول الى نضج مجتمعي كامل ، يترجم في الانتخابات الى نسب تصويت مرضية تعكس الجهود التي بذلت من قبل الدولة للوصول لذلك .
وتأسيسا على ذلك ، إن أردنا للتجربة الحزبية الأردنية النجاح ، علينا أن نطور أدواتنا وطرقنا الخطابية والتحاورية مع قطاعي الشباب والمرأة ، ولنكن واثقين من القدرة على ترجمة برامجنا في الأحزاب الى واقع ، فإن النجاح سيكون حليف الجميع .