يحتدم النقاش في الاعلام الغربي هذه الايام حول الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني على يد سلطات الاحتلال الاسرائيلي الغاشم، على اعتبار ان هذا المفهوم حكر على المحرقة اليهودية (الهولوكوست)، الا انه وبرجوعنا الى الميثاق الاساس لمعاهدة روما التي انشئ بموجبه المحكمة الجنائية الدولية الذي وضع تعريفاً محدداً لمفهوم الابادة الجماعية كجريمة حرب وهو ( التدمير الكثيف والارادي للسكان المدنيين)، وانقسم الاعلام الغربي حول هذا المفهوم فقال المدافعون عن العدوان الاسرائيلي على غزة، ان اسرائيل لم تستهدف المدنيين قصداً بل جلهم وقع ضحايا للجانبين، وعليه لا يمكن اعتبار الاعتداء وقصف المدنيين في غزة جريمة ابادة جماعية وبالتالي جريمة حرب.
ولما كانت النية امرا باطنيا لا يمكن استخلاصه والوصول اليه الا من خلال الظروف المحيطة التي صاحبت فعل الاعتداء ، يضاف اليه تصريحات مسؤولي الجهة المعتدية ، وفي هذا السياق نجد ان العديد من المؤشرات الواضحة والصريحة تكشف بوضوح عن النيات الواضحة لاستهداف السكان المدنيين في غزة بالقصف والابادة من قبل قوات الاحتلال الغاشم .
وبالرجوع لما يحدث على الارض نجد ان اجراءات الاحتلال الاسرائيلي تتمحور حول العزل الكلي لقطاع غزة، ومنع الغذاء والدواء والماء والوقود وتدمير المساكن، وهي بدون شك صادرة عن ارده مبيته لإبادة الشعب الفلسطيني ، وما يعزز ذلك تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين والتي تكشف عن وجود هذه النية، فوزير الدفاع الإسرائيلي قالها بصراحة ان بلاده تحارب (حيوانات بشرية ) وتوعد انها ستقضي على كل شيء في غزة ، ووزير المالية الاسرائيلي نفى وجود شعب فلسطيني ، اما وزير التراث في الحكومة ذاتها دعا الى القاء قنبلة نووية على سكان غزة لإبادتهم بالكامل ، الامر الذي يؤكد ان استراتيجية الاحتلال هي قتل ما يمكن قتله من الشعب الفلسطيني تهيداً لاقتلاعه من ارضه، تحت غطاء وسكوت ودعم احياناً من المجتمع الدولي ، فالاعتداءات ممنهجة تهدف الى تفريغ الارض من السكان وتشتيت الشعب الفلسطيني.
وعلى النقيض من ذلك ففي عام 2005 صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يلزم المجتمع الدولي بحماية الشعوب والمجموعات المعرضة للإبادة وجرائم الحرب والتطهير لعرقي والجرائم ضد الانسانية، واستندت السياسات الغربية الى هذا القرار للتدخل الانساني في بلدان كثيرة جلها في افريقيا، ورفضت دوما حماية الشعب الفلسطيني من بطش المحتل، بل على العكس زودت المعتدي بكل ما يحتاجه من معدات وادوات واسلحة، الامر الذي اظهر الى الوجود فكرة ازدواجية تطبيق القانون الدولي الانساني حسب جنس الضحية وهوية المعتدي، الامر الذي ولد شعوراً بعدم المساواة في حق الانسان في الحياة والعيش الآمن.
ولعل من نافلة القول الآن الحديث عن حل الدولتين، في ظل امعان الاحتلال الغاشم في قتل وتشريد وابادة الشعب الفلسطيني ، وبذات الوقت نجد وعلى الارض التوسع في الاستيطان في الضفة الغربية بحيث اصبح يستوطنها اكثر من سبعمائة الف مستوطن لملموا من كافة اصقاع الارض ، فكيف لنا ان نتحدث عن حل الدولتين ضمن هذا السياق، سيما وان رئيس الكيان الصهيوني الغاشم في خطابه الاخير في الامم المتحدة ، ابرز خريطة لإسرائيل تضم كل المناطق المحتلة بما فيها الضفة الغربية وهذا يعني ان لا تفاوض على حل الدولتين رضي من رضي وابى من ابى، فما السبيل لهذا الشعب للخلاص مما هو فيه في ظل هذه المعطيات... سؤال يطرح للنقاش.....!!!؟؟؟