أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الاحتفال بـِ 'حانوكا' اليهودي في 'الإليزيه': آخر تجلّيات 'العلمانية'


محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo

الاحتفال بـِ 'حانوكا' اليهودي في 'الإليزيه': آخر تجلّيات 'العلمانية'

محمد خروب
محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
واصل الرئيس الفرنسي/ماكرون، مسيرة التقلبات السياسية بل والبروتوكولية التي ميّزت عهده, سواء في ولايته الأولى التي بدأت في 14 أيار 2017 أم خصوصاً في ولايته الثانية عندما فاز على منافسته اليمينية المُتطرفة/ماريان لوبين/ رئيسة حزب التجمع الوطني في 24 نيسان 2022 مُتعهّداً بـ«التغيير وواعِداً أنه سيكون رئيساً للجميع»ٍ.
وعد كهذا لم يتحقق أقلّه داخليّاً (دع عنك مواقفه المُتذبذبة حدود التناقض في السياسة الخارجية, إذ واصلتْ حكومته تعميق سياسة الإسلاموفيا، حتى على صعيد الحريات الشخصية بحظر ما وصفته «الرموز الدينية», بدءاً بمنع الحجاب في المدارس, والنقاب في الأماكن العامّة, إلى «البوركيني» أو المايوه الشرعي، وصولاً إلى ما تمّ اتخاذه مؤخّراً بمنع ارتداء «العَباءة» على تلميذات المدارس, باعتبارها رمزاً دينياً يمسّ حيادية المدرسة كونها مدرسة حكومية في بلد علماني (أي دولة تقوم على مبدأ فصل الدين عن الدولة). ناهيك عن الإجراءات التي اتخذت بإغلاق بعض المساجد وترحيل أئمة ونشطاء يدينون الإسلام, (رغم انهم فرنسِيّو الجنسية من أصول عربية أو افريقية بذريعة التطرف). زد على ذلك الحملات الإسلامية والسياسية والحزبية الضارية التي تشن على المسلمين, كلما تم المسّ بكنيس أو مقبرة يهودية أو حتى خلاف شخصي بين مواطن فرنسي مسلم وآخر يهودي. الأمر الذي يروم ليس فقط شيّطنة المواطنين من معتنقي الإسلام, بل خصوصاً في إظهار مظلومية مُفتعلة لليهود.
ما علينا..
فخامة الرئيس ماكرون «حصلَ» يوم الخميس الماضي, على جائزة «اللورد جاكوفيتش» التي يمنحها «مؤتمر حاخامات أوروبا», وتُمنح لرؤساء الدول والحكومات (الأوروبية), الذين يُحاربون «معاداة السامية» ويدافعون عن «حرية ممارسة الديانة اليهودية», (سبقَ أن مُنحتْ للمستشارة الألمانية السابقة/ ميركل عام 2013).
إلى هنا يبدو الأمر عادياً, بصرف النظر عن حكاية الجوائز التي يبرع الصهاينة ورهط المتصهينين في العالم, وبخاصّة في الولايات المتحدة وأوروبا في اختراعها, والتي يتم عبرها اصطياد الرموز والنشطاء السياسيين والحزبيين والإعلاميين والكُتّاب, وترويضهم ثم وضعهم في خدمة الحركة الصهيونية, وخصوصاً في الترويج للدولة الفاشية الإستعمارية في فلسطين المحتلّة.
الرئيس ماكرون قام بـ«إضاءة» الشمعة الأولى لـِ«عيد حانوكا/الأنوار بالعربية», في قصر الأليزيه بعد حصوله على هذه الجائزة, وشاركه في إضاءة الشمعة الحاخام الأكبر لفرنسا حاييم كورسيا، وبعدها تمّ تلاوة «أناشيد يهودية دينية تقليدية باللغة العبرية»، ارتفعت خلالها أصوات المُنشدين والحضور الذين تمت دعوتهم بهذه المناسبة. ما أثار موجة من الإنتقادات اللاذعة, التي لم تتوقف حتى الآن بل هي مرشّحة للتصاعد. إذ اعتبرته ساسة وحزبيون ووسائل إعلام بل وبعض الأوساط اليهودية, الذين رأوا في ما قام به ماكرون خروجاً سافراً على مبدأ العلمانية الذي اعتمدته فرنسا قبل أزيد من مائة عام. (العام/1905).
لم تصمد بعض التبريرات التي خرجت للدفاع عن ماكرون إزاء فِعلته هذه, عندما زعم بعض داعميه أو ربما حاولوا تبريرها) بالقول: إن ماكرون أراد «التكفير» عن غيابه وعدم المشاركة, في المسيرة التي شهدتها فرنسا ومدن فرنسية أخرى في 12 تشرين الثاني الماضي, تحت شعار «من أجل الجمهورية ولمحاربة مُعاداة السامية»، رغم الدعوات العديدة التي وجّهتْ إليه, لكنه لم يستجب لها ولم يُشارك فيها, مُعلناً أن سبب عدم مشاركته هو أن وظيفته «ليس السير في المسيرات والمشاركة في التظاهرات والاحتجاجات».
تبريرات كهذه لم تُقنع المنتقدين رغم محاولات القصر الرئاسي, وبعض الوزراء وبخاصّة وزير الداخلية وشؤون العبادة (الاسم الرسمي لوزارته), الطامح إلى خوض المعركة الرئاسية في العام 2027) الذي «نفى» أن يكون ماكرون انتهك مبدأ العلمانية, بل هو - أضاف جيرالد دارمانان - مُدافع عن الأديان ويحترمها كلّها». أضِف إلى ذلك ما تم تسريبه عن «مصادر» في قصر الأليزيه, وجاء فيه «أن ما جرى لا يمكن اعتباره بأي حال احتفالاً بالعيد اليهودي، بل يتعيّن وضعه في إطار منح ماكرون جائزة اللورد جاكوبوفيتش, مستشهدة/المصادر في الوقت ذاته, بـ«الإحتفالات الدينية» التي يستضيفها البيت الأبيض, ولم نجِد أحداً اعترضَ عليها أو انتقدها».
كذلك من غير المنطقي تجاوز سلسلة القوانين والإجراءات التي اتخذتها فرنسا, في سبيل منح «اليهود والحركة الصهيونية», مكانة خاصّة في المجتمع الفرنسي. مثل قانون تجريم معاداة السامية وخصوصاً تجريم انتقاد الحركة الصهيونية, وعلينا دائماّ عدم نسيان قانون «اعتبار أي انتقاد لإسرائيل أو الحركة الصهيونية, مثابة «مُعاداة للسامية».
فهل يجري كل ذلك صدفة أو ضرباً من ضروب العبث, في دولة تزعم انها دولة علمانية وترفع شعار الثورة الفرنسية الشهير, الذي يتردَّد على الدوام في وسائلها الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئيّة.... (حريّة، مساواة، إخاء).
فـَ» على مَن يتلو ماكرون مزاميره»؟.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ