قلت في المقال السابق ان العالم لايفهم الا لغة القوة، وأنها هي التي تفرض الحقائق على الأرض، وتحمي الشعوب وحقوقها، ودعوت لبناء قوتنا بكل مكوناتها، ولذلك فإنني في هذا المقال أشير إلى وحد من أهم مكونات القوة التي عرفها تاريخ أمتنا والمتمثلة في القيم الصوفية، لإقول انه أن الأوان لأحياء القيم الصوفية الأصيلة في مجتمعنا،ففي تاريخنا انه كلما ضعفت الأمة، كان التصوف من أهم روافعها من الضعف، خاصة عندما يتحول التصوف إلى تيار فكري شعبي،واسلوب حياة، لأنه عندها يصير واحد من أهم روافع النهوض الحضاري لأمتنا،بابعاده الاجتماعية والسياسية والعسكرية، فالصوفية هي اسلوب تربوي يمارس جهاد النفس، وهو الجهاد الأكبر،كما قال رسول الله عليه السلام، فتخليص نفوس الأفراد من النزعة الاستهلاكية، والتكالب على الدنيا،وهما من أهم اسباب الضعف والتخاذل التي تصيب المجتمعات، وتسلب ارادتها، فيصبح التصوف من أهم وسائل تحرير هذه الارادة، ومن اهم القواعد الأساسية لبناء مجتمع النصر، لأن التصوف الحقيقي يحرر النفوس من كل عوامل الضعف والاستسلام للعدو، بل ويؤهلها لمجاهدة العدو.
وفي تاريخنا لم يشتهر الصوفية بتحريض السلاطين على الجهاد ومقارعة الاعداءفقط، بل اشتهر المتصوفه بالمرابطة في الثغور،وخوض المعارك دفاعا عن حدود الأمة، واستقلال شعوبها ، وإذا كان المجال هنا يضيق عن ذكر إعلام الجهاد من المتصوفيين عبر التاريخ،علما بأن كثيرين من المؤرخين خصصوا ابوابا في كتبهم لذكر إعلام الجهاد من المتصوفة، فإنه لابد من التذكير انه في العصر الحديث كانت معظم حركات مقاومة الاستعمار، وحركات التحرر، خاصة في الشمال الافريقي صوفية، واشتهر قادتها بالتصوف نذكر منهم عمر المختار وعبد الكريم الخطابي، وعبد القادر الجزائري، وبرز في ومقارعة الصهاينة في فلسطين من الصوفية فرحان السعدي عزالدين القسام.
لكل ماذكر ولغيره صار لابد من أحياء الكثير من القيم الصوفية، التي تخلصنا من عوامل الضعف، وتجعلنا أكثر اعتمدنا على ذاتنا.وأكثر قوة في مواجهة العدوان.