حالة الاطمئنان والتفاؤل التي يبديها وزير المالية الدكتور محمد العسعس عندما يسأل عن تأثير الازمات من حولنا على اقتصادنا الوطني لها اسبابها ومرتكزاتها ولعل ابرزها التجارب والتحديات والازمات السابقة التي خاضها اقتصادنا وانتصر في معاركها ليخرج في كل مرة اقوى وامتن واكثر منعة من اي وقت سبق، فلماذا كل هذا التفاؤل والارتياح من قبل وزير ماليتنا ؟.
اذا ما اردت ان تطمئن على اقتصاد اي دولة في العالم فما عليك الا ان تقصد وزير ماليتها للاستفسار، وهنا وزير ماليتنا العسعس لايخفي سرا عندما يعلن وبملء الفم عن ارتياحه وتفائله للمرحلة المقبلة بالرغم من كل التداعيات السلبية التي يخلفها العدوان الإسرائيلي الغاشم على اقتصادنا الوطني، فهو ينطلق بهذا التفاؤل بناء على وقائع ومعطيات وعمق اقتصادي استطاع في السنوات العشر الماضية تحويل التحديات التي واجهها لفرص حقيقية نجني ثمارها استقرار اليوم.
كيف لهذا الوزير ان لايتفاءل ويطمئن بان اقتصادنا قادر على تجاوز هذا التحدي وهو من يشهد ويعرف جيدا كيف استطاع هذا الاقتصاد الناشئ ان يهزم ظروفا قاهرة كما الربيع العربي والارهاب واستوعب ملايين اللاجئين وقهر جائحة كورونا التي تعتبر الاصعب عالميا، وانتصر على تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية محافظا على معدلات تضخم تعتبر الاقل في العالم ولم تتجاوز 2.4% مصحوبة باستقرار نقدي ومالي تشهد عليه كافة وكالات التصنيف الدولية وصندوق النقد الدولي.
الاقتصاد الذي يستطيع ان يحقق معدلات ونسب نمو مميزة وملموسة وبمختلف القطاعات الانتاجية بعدما ان تعرض لكل تلك التحديات يصبح مكان ثقة كبيرة، فحقق نتائج مبهرة سياحيا حيث سجل اعلى معدلات نمو بأعداد السياحة الوافدة والدخل المتأتي منها لترتفع بنسبة 41 % وتسجل دخلا تجاوز 5.5 مليار دينار وكما ارتفعت الصادرات الوطنية، وارتفاع حجم الاستثمارات خلال التسعة أشهر الاولى بنسبة 34% ليصل الى 878.5 مليون دينار ويحتفظ بحجم احتياطي 17 مليار دولار وعملة وطنية من اقوى العملات في العالم.
الحقيقة تقول ان اقتصادنا ما كان ليقوى على تحمل تلك التحديات لولا الاجراءات الحكومية التي اتخذتها في حينه، بالاضافة الى الاصلاحات الهيكلية التي يقوم بها من مكافحة التهرب الضريبي وتوحيد الرسوم الجمركية وتقليص المديونية،والاهم من هذا تجاوب الاقتصاد الوطني سريعا مع تنفيذ اولويات رؤية التحديث الاقتصادية والادارية وارتفاع ثقة المستثمرين لاسباب كثيرة ابرزها الاستقرار الامني والسياسي وسط اقليم ملتهب.
خلاصة القول،تجارب اقتصادنا الماضية ومواجهته للتحديات تفرض علينا الثقة المطلقة بانه قادر ايضا هذه المرة بتجاوز هذا التحدي الجديد متسلحين باستقرار نقدي ومالي وبصناعة وطنية مثابرة وبقطاعات انتاجية واعدة والاهم من هذا كله رؤية التحديث الاقتصادية والادارية التي في كل ما فيها تذهب بنا الى مزيد من الاعتماد على الذات وتحارب كافة المعيقات التي حدت من استغلال الفرص في الماضي، فكيف لنا ان لا نثق ونطمئن كما العسعس.