يكاد يكون الاردن من الدول القليلة التي تحول الازمات الى فرص، فقد اعتاد على ادارة الازمات حتى اصبح يحتذى به.
لم يكد الاقتصاد الاردني يتنفس الصعداء بعد كورونا حتى داهمته الحرب الاسرائيلية الاجرامية في غزة، وخلافا لكل الحسابات فهذه ازمة على ما يبدو ممتدة في تأثيرها وتداعياتها ومخطئ من يعتقد ان الازمة التي رافقتها ستتوقف بمجرد ان تصمت المدافع.
لكن مع ذلك هناك بنية تحتية اقتصادية صلبة امكن من الصمود بل انها تكمنكت من تحويل هذه التحديات الى فرص.
يتعين هنا ان نقول ان صمود وقوة الاقتصاد الاردني يعني بالضرورة صمود وقوة موقفة القوي والمعلن ازاء هذا العدوان السافر الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا وهو ايضا يعزز روافع الدعم لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه.
ثمة نقاط مضيئة كثيرة منها على سبيل الذكر السيطرة على العجز وبقاء المديونية عند حدود مقبولة وكفاءة ادارتها لكن النقطة المضيئة الاكثر اضاءة في المشهد الاقتصادي هي سلامة الجهاز المصرفي، وقوة الدينار الأردني، الآن وفي المستقبل المنظور، مما يجعله مستودعاً للقيمة صالحاً للمدخرات، وقابلاً للتحويل إلى دولارات بسعر صرف ثابت ومستقر ومصدر ثقة للمستثمرين والمغتربين.
الدولرة في حدود متدنية وحجم اقراض البنوك للحكومة المركزية في مستويات مقبولة فهي لا تتجاوز ١٢ مليار دينار من حجم تسهيلات يتجاوز ٣٠ مليار دينار معززة بكفاءة الحكومة وقدرتها على السداد في الوقت المحدد.
العملات الأجنبية لدى البنك المركزي كثيفة فهي تتجاوز ١٧ مليار دولار من الاحتياطيات وحرية التحويل مضمونة ١٠٠٪.
البنك المركزي قادر وبقوة على تلبية الطلب على الدولار لتمويل المستوردات من السلع والخدمات، بأسعار صرف ثابتة، والتجار قادرون على فتح اعتمادات مستندية بكل سهولة وهي مغطاة بنسبة 100%.
الوضع النقدي الحالي جيد والسلوك في السوق متاح بوفرة وان كان الانفاق الاستهلاكي يتراجع فهذا يعود الى الحذر الشخصي لعموم الاسر والبنك المركزي يملك مليارات من الدولارات الحرة غير ودائع البنوك لديه بالدولار، وبالتالي فهو قادر على دعم الدينار وتلبية الطلب على الدولار، خاصة وأن ما يملكه البنك المركزي من العملات الاجنبية يعادل اضعاف القيمة المطلوبة حسب المعايير العالمية.
من ناحية ثانية فإن الجهاز المصرفي الأردني هو اليوم في أحسن حالاته من ناحية الموجودات وكفاية راس المال والودائع والتسهيلات
تمكنت البنوك من رفع ودائعها وتسهيلاتها المصرفية بنسبة عالية وزيادة أرباحها بشكل ملموس.
البنوك قادرة على تمويل النشاط الاقتصادي عند الطلب بل انها لا تنتظر ان ياتيها طلبات تمويل بل هي تبحث عنه مثل اي مستثمر يبحث عن الفرص.
صحيح أن الأردن يعاني من صعوبات مالية سابقة على الازمات لكن الصحيح ايضا ان الازمات التي تعزز متانة الاقتصاد تنطوي على فرص كبيرة.