. لو أن مهرجانا للسينما يقام كل عام في غزة، ويحضره توم كروز..وتأتي إليه (شاكيرا) لقام العالم كله بحمايتها، لو أن بحر غزة بنيت عليه شواطيء خاصة (بالملط)...والفنادق ذات (الخمس نجوم) وأقيم في شمالها (كازينو) للأثرياء كي يأتون في الصيف للعب والسمر ومن ثم المغادرة، لانتفض العالم الحر..وقالوا أن هذا يمثل اعتداء صارخا على قيم الحرية.
لو كان في غزة ناطحات سحاب...وبنوك تغسل الأموال من كل حدب وصوب، ويأتي إليها في الليل (تجار الشنطة)، ويغسلون أموالهم القذرة...لانتفض العالم كله وقالوا: إن إسرائيل تدمر القيم والليبرالية الجديدة وتكره الإنفتاح...
لو أن الشجاعية بنت حارة للتصوير السينمائي، واستضافت (نتفلكس) وسمحوا بتصوير كل الأفلام التي تتحدث عن المثلية والإنحطاط والتمرد على الأعراف ونسف الأديان، لقالوا إن إسرائيل تكره الحياة والحرية، وتحاول هدم أحلام الشباب...ولوظفوا كل الإعلام لخدمة شذوذهم وقيمهم وانحرافهم.
لو أن غزة...فتحت بواباتها للإستثمار، وأقيمت فيها نوادي (المساج)..وأكبر احتفالات سنوية لشركات الخمور، وبنت مرسى لليخوت الخاصة كي يأتي أثرياء العالم..وسمحت بالقليل من التعاطي، وتغاضت عن كل احترام للشعور الإنساني...لقالوا أن إسرائيل تحارب الديمقراطية وأن إسرائيل تريد تدمير الإنسانية وقيم العدالة.
هم يحاربونها..لأنها قدمت المجتمع الإسلامي المعتدل، وبنت جيلا مقاوما..وزرعت في قلب كل طفل يولد قضية عادلة، هم يحاربونها لأنها شكلت الشخصية الفلسطينية المستقلة...ووجهت الشباب للعمل والإيمان، وزرعت في روح كل واحد منهم بذور التحدي..هم يكرهونها ويريدون تدميرها لأنها لم تنتج مجتمعا كمجتمعاتهم، بل أنتجت الصواريخ والقذائف..لم تتلوث بقيم العالم الجديد القائمة على شرعنة المثلية والشذوذ والقائمة على شطب الأديان ونسف كل أشكال الفضيلة من قاموس الحياة، بل أسست غزة الفضيلة..واحترمت المرأة وسارت على شرع الله، ورفضت أن تلو? عقول أولادها بقيم العالم الجديد...
هذه ليست معركة لأجل الدين والعروبة والقضية فقط، هي معركة لأجل القيم...فالمعتدي هو من يحمل قيم العالم الجديد، والمعتدى عليه هو من يحمل الإرث العربي والإسلامي ويصر على التمسك به.
في غزة القومية العربية تقاتل، والقيم الإسلامية تقاتل...والفضيلة تقاتل، وحجاب المرأة يقاتل..وكتاب الله يقاتل، بالمقابل إسرائيل ماذا تحمل من قيم...؟ شرعنة الشذوذ؟...جمع مرتزقة العالم؟...الكره؟..استخدام الهولوكست كوسيلة للإستعطاف والندب؟ ماذا تحمل إسرائيل..غير المجتمع الفاقد للهوية، والرأس مال المتوحش...والتعاطي مع الدولة على أنها منتجع جميل في الشرق الأوسط تستطيع الهروب منه كونك تحمل جنسية أخرى متى قررت...والأهم من كل ذلك أنها حرب من يحمل الهوية الشرسة المقاتلة ضد من لايملك هوية.
يحاول الإعلام الغربي القذر اختصار هذه الحرب بأنها بين حماس وإسرائيل..أبدا، هذه ليست حربا بين فصيل مقاتل وبين دولة ديمقراطية..هذه حرب بين القيم التي يريدون تجريدنا منها وبين أفكار العالم الجديد...حرب بين الهوية التي يريدون تذويبها، وبين (اللمم ومن ينظرون للهوية) باعتبارها وسيلة لجني رصيد أكثر في البنك، أو مجرد خرافات تلمودية تجيز قتل الاخر.
حتما ستنتصر القيم..لابد للقيم أن تنتصر..ولابد للفقراء أن يفرضوا وجودهم وإيقاعهم في هذا العالم.