لم يكن طرفا الطوفان، الجارف والمجروف، ليذهبا إلى الهدنة، وإلى تكرارها، لولا ضغوط هائلة يتعرضا لها، تكرههما على الموافقة لشروط الطرف الآخر.
حركة حماس ساطت المحتل الإسرائيلي على وجهه، وتسببت له بخزي لا يضاهى أمام العالم كله الذي كان «مضبوعاً» بقدرات هذا الكيان، المؤتمت، التكنولوجي، ذي السمعة الديمقراطية الباهرة، والقدرات العسكرية القاهرة.
لقد أخزته و»مرمغت بكرامته الوطاة»، أمنياً وعسكرياً واستخبارياً واقتصادياً، شرّخت مِرآته، وشوّهت سمعته، وحجّمته، وجعلت رقبته «قد السمسمة» على رأي الكوميديان الفصيح توفيق الدقن.
حركة حماس تذهب إلى الهدنة لجملة ضخمة من الأسباب، ليس أهمها الضغط الذي تتعرض له لتلين، من الأصدقاء والحلفاء والاشقاء، فأهمها احتياجات الأهل في قطاع غزة المنكوب، إلى كل شيء، إلى الغذاء والدواء والماء والوقود، وإلى مواراة الشهداء الثرى، وإلى تلمّس أوضاع مقاتليها واحتياجاتهم الملحة.
وثمة ضغط تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين من معتقلات الإحتلال الإسرائيلي الجهنمية، التي توازي في وحشيتها أفران الغاز النازية في معتقلات أوشفيتس وماوتهاوزن وداخاو وغيرها.
ان عبء تحرير الأسرى الفلسطينيين، وتبييض المعتقلات الإسرائيلية، هو هدف استراتيجي، ان تم تحقيقه، فهو يضيف نقاطاً جزلة في حسابات الربح والخسارة بين الطرفين، عِلماً ان الأسرى الفلسطينيين في الضفة المحتلة، زاد عددهم اعتبارا من 7 تشرين الأول على 3300 أسير.
ويقع الإرهابي نتنياهو تحت ضغوط حادة من ذوي الأسرى الإسرائيليين لمبادلة الأسرى الفلسطينيين بالرهائن.
كما يقع تحت ضغط أكبر من جانب القوى الدينية والاستيطانية المتطرفة، ووزراء الذهان والفصام، والجنرالات الأمنيين الذين سُفحت كراماتهم، لمواصلة العنف والقصف، ووقف كل اشكال الاتصال مع حركة حماس، خاصة وانهم لا يكترثون لمصير الضباط والجنود الإسرائيليين المعتقلين لدى حماس والجهاد، تنفيذا ل»بروتوكول هنيبعل».
يخضع نتنياهو إلى ضغوط الإدارة الأميركية والدول الأوروبية التي لم تعد تتحمل انفلاتة ربيبها الوحشية، خاصة وأن شوارع العالم تضطرب بامواج وافواج ملايين الشرفاء من بني البشر، الذين ادركوا ان من كانوا يظنونه مظلوما، هو المحتل مرتكب جرائم الإبادة الجماعية.
ان أسهم استئناف الهُدن، تتعادل مع أسهم مواصلة العدوان الإسرائيلي.