مدار الساعة - أشاد وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، بالعلاقات المصرية الأردنية ومستوى التنسيق والتشاور بين البلدين في كل المجالات والأزمات، مؤكدا أن القاهرة وعمان لديهما مواقف تاريخية ورؤىً متطابقة بشأن العديد من القضايا العربية والدولية.
وقال الصفدي، في حوار مع مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان الزميل خالد العيسوي، إن التشاور والتنسيق والتواصل بين مصر والأردن هو نهج مستمر دائما بين البلدين الشقيقين، ومع اندلاع الحرب على قطاع غزة الشهر الماضي كان التنسيق والتواصل مكثفا وبدأ منذ اللحظات الأولى للأحداث في غزة.
وأضاف أن مصر والأردن ومنذ الحرب الإسرائيلية على القطاع يبذلان، وما زالا، جهودا حثيثة لوقف الهجمات ضد المدنيين من أبناء غزة، مؤكدا أن القاهرة وعمان يلعبان دورا محوريا من أجل وقف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وتابع الصفدي قائلا" لم ندخر جهدا منذ اليوم الأول للحرب من أجل وقفها وتخفيف العبء على الأشقاء في غزة وتواصلنا مع جميع الأطراف والشركاء الدوليين والأشقاء والأصدقاء من أجل وقف الحرب وعدم اتساع دائرتها بالمنطقة ولكن إسرائيل تتعنت وتريد تدمير غزة ولم تستمع لصوت العقل والحكمة".
وأوضح أنه منذ اللحظات الأولى كان جلالة الملك عبدالله الثاني وأخوه الرئيس عبد الفتاح السيسي يحذران من التصعيد ويحثان ويعملان مع الشركاء الدوليين لوقف نزيف الدم وإدانة الجرائم بحق المدنيين، مؤكدا أن جلالة الملك والرئيس السيسي راعيان دائمان وأساسيان للسلام والأمن والاستقرار بالمنطقة، وخصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للقاهرة وعمان والأمتين العربية والإسلامية.
وشدد الصفدي على رفض الأردن المطلق لتهجير الفلسطينيين ومحاولة حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن أو مصر، مشيراً إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني وأخاه الرئيس السيسي شددا على ذلك في مختلف لقاءاتهم، وفي مختلف المؤتمرات والمحافل الدولية.
وأشار إلى أن الموقف المشترك والعلاقة بين البلدين الشقيقين كان قد عبر عنه جلالة الملك في ما كتبه على حسابه الرسمي على منصة اكس "نقف إلى جانب الشقيقة مصر في خندق واحد، الموقف الذي عبر عنه اليوم أخي الرئيس عبدالفتاح السيسي بتأكيده رفض مصر تهجير الأشقاء الفلسطينيين عن أرضهم باعتباره خطا أحمر، يجسد موقفنا المشترك وسيخلده التاريخ في سجل مواقف مصر العروبية".
كما لفت الصفدي إلى التعاون والتنسيق الوثيق بين المملكة وجمهورية مصر العربية في جهود إيصال المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين في القطاع، ومن خلال مطار العريش، ليتم إيصالها لغزة من خلال معبر رفح.
وبشأن الهدنة التي تم التوصل إليها بمشاركة مصر وقطر مع الولايات المتحدة، ولكن إسرائيل تخترقها، قال الصفدي، إن مصر بذلت جهودا كبيرة مع الأشقاء في قطر من أجل الوصول إلى هذه الهدنة الإنسانية، مشيدا بدور مصر المحوري الذي ساهم في تحقيق هذه الهدنة الإنسانية والتشاور المستمر مع الشركاء من أجل تمديدها ووقف الحرب الإسرائيلية المستعرة على القطاع والوصول إلى وقف إطلاق النار الدائم.
واعرب عن إدانة الأردن استئناف الحرب العدوانية الإسرائيلية العبثية، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته وردع إسرائيل عن ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين.
وحول جهود جلالة الملك عبدالله الثاني وجولاته الخارجية ولقاءاته الدولية التي ساهمت في توضيح الصورة للعالم، قال الصفدي إن جلالته ومنذ بداية الحرب ولأنه يعرف خطورتها على المنطقة والعالم، قام بعدة زيارات خارجية وأوروبية من أجل التحذير من تداعيات الحرب.
وأردف الصفدي قائلا إن هذه الزيارات واللقاءات ساهمت وبشكل كبير في توضيح صورة الحرب الإسرائيلية على غزة وخطورتها وعملت على تحول ولو جزئي في مواقف الدول التي كانت تساند وتسمع فقط إلى الرواية الإسرائيلية المضللة، موضحا أنه ثمة أصوات تتعالى الآن، وإذا ما نظرنا إلى المواقف الدولية نرى أن هنالك تطورا ملحوظا في هذه المواقف باتجاه الدعوة لوقف إطلاق النار الدائم والعودة إلى التفاوض.
وشدد الصفدي على ضرورة أن يلتفت المجتمع الدولي لما يحدث من هجمات على الفلسطينيين بالضفة الغربية، منبها إلى أن ذلك لم يحظ بالاهتمام الدولي كما حدث في غزة.
واشار إلى أن عام 2023 يعد الأكثر دموية على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية منذ أكثر من عشر سنوات، محذرا من مغبة استمراره وتأثيره المباشر على السلم والأمن الدوليين.
ونوه إلى أن إسرائيل تهاجم كل من لا يتفق مع سياستها أو يدعو إلى ضرورة وقف الحرب، مشيرا إلى أنه لا يمكن لإسرائيل أن تبقى فوق القانون الدولي، وعلينا الاستمرار بالعمل مع المجتمع الدولي لوقف العدوان على غزة ومواجهة تهديدات المستوطنين في الضفة الغربية أيضا.
وأكد الصفدي أن "إسرائيل لم تلتزم بقرارات مجلس الأمن في السابق وإذا لم تلتزم في المستقبل فعلى المجتمع الدولي أن يواجه التحدي الأكبر لمصداقيته"، محذرا من استمرار العنف في المنطقة لأن تداعياته ستكون عالمية ودولية.
وطالب بضرورة استغلال الحالة التي أصبح عليها حاليا المجتمع الدولي بشأن رؤيته لإنهاء الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، مؤكدا أن العالم الآن يؤمن أكثر من أي وقت مضى، بأنه لا سبيل لإنهاء العنف بالمنطقة إلا بإقامة الدولة الفلسطينية عبر حل الدولتين.
وأعاد الصفدي التأكيد على أن الأردن سيعمل مع جميع الأطراف والشركاء الدوليين من أجل إعادة اهتمام العالم بعملية السلام باعتباره ركيزة أساسية في سياسته الخارجية وسيتواصل مع الجميع من أجل إعادة عملية السلام والتفاوض لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأشار إلى أن الأردن لديه ثوابت بشأن القضية الفلسطينية وأهمها الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ولن يحيد عن هذه الثوابت مهما كانت التضحيات، مؤكدا أن الأردن كان ومازال وسيستمر مدافعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في كافة المحافل الدولية إيمانا بتاريخية وقدرية فلسطين بالنسبة للأردن قيادة وحكومة وشعبا.
ولفت الصفدي إلى أنه ورغم كل الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة والتي نحذر منها وندعو دائما إلى وقفها، ستظل المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس تحت الوصاية الهاشمية التاريخية لما لها من أهمية في الحفاظ على هذه المقدسات، مؤكدا أن الشعب الأردني والفلسطيني والمقدسات في خندق واحد تاريخيا وجغرافيا وإنسانيا وعربيا ووطنيا.
وحول السياسية الخارجية للأردن وثوابتها، أكد أن الأردن ومنذ التاريخ يرفع راية السلام، ويعد واحة للسلام والأمن والاستقرار بالمنطقة وللعالم أيضا، مؤكدا أن الثوابت التاريخية للسياسة الخارجية الأردنية وطبقا لتوجيهات جلالة الملك، تقوم على الاحترام وعدم التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة، مع الاحتفاظ بعدم السماح لأي دولة بالتدخل في الشأن الداخلي الأردني.
ونوه الصفدي إلى أن الأردن دائما في سفينة السلام التي تسير نحو السلام ولن يحيد عن سياسته الخارجية القائمة على نشر الأمن والسلام، مشيرا إلى أن الشراكة والتعاون والمصالح المشتركة والمتبادلة أيضا أساس علاقاتنا مع الجميع سواء من الأشقاء أو الأصدقاء.
وقال الصفدي إن التعاون الثنائي والتنسيق والتشاور مع مصر مثال يحتذى به في العلاقات العربية العربية وكذلك التعاون الثلاثي الاقتصادي بين مصر والأردن والعراق والهادف إلى تحقيق المصلحة لشعوب الدول الثلاث يمثل أيضا نموذجا للعلاقات القائمة على الأخوة والشراكة وتحقيق المصالح العربية العربية، مشيرا أيضا إلى التعاون الاقتصادي الرباعي بين مصر والأردن والإمارات والبحرين من أجل تنفيذ مشروعات في البلدان الأربعة يحقق نموا اقتصاديا للجميع ويرتقي بالتعاون العربي العربي.
واكد الصفدي في ختام الحوار انفتاح الأردن على الجميع على أساس سياسته الخارجية الهادفة إلى تحقيق علاقات متوازنة ومتزنة وتحقق الأمن والاستقرار والسلام والمصالح المشتركة والتعاون المثمر دون إلحاق أي ضرر لأي طرف وهو منهج يتبناه الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في الأزمات والأوقات كافة.