سلطت جهود جلالة الملك عبدالله الثاني الدؤوبة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والرامية إلى ضرورة ديمومة ايصال المساعدات الطبية والاغاثية للاشقاء في غزة الضوء على مكامن الخطر الكبير الذي يتربص بالغزيين ويواجهوه تحت وطأة ظروف إنسانية قاهرة لا يمكن تخيلها أو السكوت عليها.
تحذيرات جلالته المهمة لم تأت من فراغ بل لاطلاعه عن كثب ومتابعته الحثيثة لما يجري من انتهاكات جسيمة وكبيرة لكل القوانين والأعراف والأخلاق الدولية من قطع للماء والغذاء والدواء في ظل إجرام ووحشية العدوان واستهداف للاعيان المدنية والمستشفيات ما يتطلب بالضرورة ضمان استدامة وصول المساعدات وبالتوازي كفايتها لتتناسب وحجم الكارثة.
الملك يقود منذ تعمق المأساة واضطرادها جهد دوليا مع كافة الاطراف لمأسسة وتنظيم وتوحيد جهود الاغاثة بمختلف اركانها عبر مؤسسات الإغاثة الدولية وبمشاركة الجميع لضمان ديمومة تدفق المساعدات لأن ما يصل إلى القطاع غير كاف إذ لم يحقق دخول الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ وبدء تدفق المساعدات إلى غزة المبتغى لتفادي التبعات السلبية لهذه الكارثة.
تحذيرات الملك الاستباقية توافقت مع تحذيرات مؤسسات أممية في هذا الصدد، إذ حذرت منظمة الصحة العالمية من كارثة صحية في ظل الواقع المؤلم في غزة وكذلك برنامج الأغذية العالمي الذي وجه تحذيرات من خطر حدوث مجاعة في القطاع، مؤكدا أن الإمدادات التي تمكن من توفيرها غير كافية على الإطلاق للتعامل مع مستوى الجوع الذي رصده موظفو البرنامج في ملاجئ الأمم المتحدة والمجتمعات المضيفة.
جلالته أعاد تنبيه المجتمع الدولي بضرورة تحمل مسؤولياته تجاه هذه الكارثة حينما خاطب أمس الأول رئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني شيخ نيانغ، عبر رسالة وجهها له بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني الشقيق، الذي صادف أمس بلغة واضحة بالتأكيد" على ضرورة تحرك العالم بأسره لوقف الحرب على غزة وحماية المدنيين العزل، والمستشفيات، وإلزام إسرائيل بفك الحصار وفتح المجال الكامل لعمل المنظمات الإنسانية، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية والطبية الكافية دون انقطاع".
وفي هذا يؤشر جلالة الملك على نهج عمل ناجع لمواجهة الكارثة بالقول "أنه ولمواجهة هذه الهجمة الشرسة على الإنسانية، فلا بد من تكثيف جهود المنظمات الدولية والإنسانية للعمل مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، لضمان تقديم المساعدات في غزة وفي كل مناطق عملياتها".
وهنا ينبه جلالته الى ضرورة التحرك الفوري من قبل المجتمع الدولي؛ لتعزيز الدعم المقدم لـ (الأونروا) لتستمر، وفق تكليفها الأممي، في توفير خدماتها من صحة وإغاثة، فإضعاف هذه الوكالة أو توقفها سيفاقم من الكارثة الإنسانية في غزة وسيكون له عواقب وخيمة في الضفة الغربية ومناطق الشتات
جملة القول، تحذيرات ملكية دقيقة تثبت يوما بعد يوم واقعيتها وتبعاتها الخطيرة، ما يتطلب من جميع الأطراف التقاطها والتعامل معها بشكل فوري تجسيداً لتحمل مسؤولياتهم القانونية والاخلاقية والإنسانية تجاه الأشقاء الفلسطينيين..