تشكل حملة الستة عشر يومًا من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة والتي تحتفل بها الأمم المتحدة سنويا؛ مناسبة مهمة يمكن من خلالها اقتراح المبادرات وإطلاق الحملات المتنوعة للإسهام في دعم التيارات العالمية الداعمة للمرأة والمدافعة عن حقوقها والمطالبة بحمايتها من العنف بكافة أشكاله، فلدينا تيارات نسوية وحركات نسائية باتت تحتل مساحات جيدة في مختلف أنحاء العالم وتتجه جميعها الى مناصرة قضايا المرأة ومحاربة التمييز والعنف القائم ضدها.
إن العنف ضد المرأة هي مسألة تاريخية معقدة، ولم تكن قضايا المرأة ذات أولوية في مجتمعاتنا العربية، ولذلك بقي نصف المجتمع يعاني من الاقصاء والتهميش والتمييز والعنف، وبفضل نضالات الحركات النسوية في العالم وما تبعها من مواثيق دولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية والمنظومة الحقوقية التي تتطور مع مرور الزمن، تمكنت المرأة في العالم وفي المنطقة العربية من المضي قدما لتحقيق مكتسبات سياسية وحقوقية واجتماعية، وأصبحت قضية المرأة مسألة أساسية في صلب الأنظمة السياسية.
ولا زالت المرأة تتعرض للعنف بكافة اشكاله، فهناك 40% من النساء في العالم تعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي خلال حياتهن، وهناك واحدة من كل خمس نساء تتراوح اعمارهن بين 20 و24 عاما تزوجن قبل ان يبلغن الثامنة عشرة، ويزداد العنف ضد النساء في المرحلة الراهنة بسبب تفاقم الكوارث البيئية والتغيرات المناخية والحروب والصراعات والمشاكل الاقتصادية.
وعلى المستوى الوطني فإن الجهود الملكية الرائدة أسهمت بشكل فعال في إحداث نقلة نوعية في واقع وحياة المرأة الأردنية، فمنذ عقدين من الزمن تشكلت إرادة سياسية لتحسين واقع النساء في كافة المجالات الاجتماعية والحقوقية والسياسية، وهذه المنجزات تشكل أرضية مناسبة لدعم المرأة وتوفير الحماية لها.
لقد تابعنا مؤخرا مجريات الصراع القائم في غزة، وكيف ان نساء غزة تعرضن الى اضطهاد مضاعف، فقد استهدفت آلة الحرب الإسرائيلية النساء والأطفال بشكل رئيسي ومكثف، وهذا يدعونا ومن خلال هذه المناسبة السنوية الى بذل الجهود وتكثيف الحملات الإعلامية والمطالب السياسية بوقف الحرب وانصاف النساء والأطفال وتوفير الحماية لهم من كافة اعمال العنف، كما يتطلب منا جميعا إيصال النساء المعنفات الى المجتمع الدولي والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة.
إن هذه المناسبة تدعونا أيضا الى العمل وضمن محاور عدة لمحاربة كافة اشكال العنف القائم ضد المرأة، ففي مجال التوعية الإعلامية يلزمنا تقديم معلومات وتوجيهات حول أنواع العنف ضد المرأة وكيفية التعامل معه ونشر الوعي حول حقوق المرأة وأهمية المساواة بين الجنسين، وتدريب المجتمع على كيفية التعرف على علامات واعراض العنف وكيفية الاستجابة له، الى جانب دعم الضحايا من خلال توفير مراكز دعم للنساء اللاتي تعرضن للعنف وتقديم المساعدة والدعم النفسي والقانوني وانشاء شبكات حماية لهن.
وعلى المستوى التشريعي يجب العمل على تعزيز التشريعات التي تحمي حقوق المرأة وتعاقب على أفعال العنف ضدها، ومراقبة تنفيذ السياسات القائمة والعمل على تحسينها إذا لزم الأمر، و العمل مع المنظمات الدولية والحكومات لتبادل الخبرات وتطوير استراتيجيات فعّالة لمكافحة العنف ضد المرأة على مستوى عالمي فمن خلال هذه الجهود المتكاملة، يمكن أن تساهم الحملة في تغيير الثقافة وتحسين الظروف التي تساهم في انتشار العنف ضد المرأة وتعزيز حقوقها
إنه ومن خلال موقعنا في لجنة المرأة النيابية فقد سعينا بكل ما اوتينا من قوة الى مراجعة التشريعات التي تتناول قضايا المرأة الأردنية، وصولا الى تحسينها بما يوفر الحماية والرعاية لهذه الفئة، مؤكدين على انسجام تطلعاتنا في مجلس النواب مع التوجيهات والرؤى الملكية السامية الرامية الى تحقيق المساواة والعدالة بين الجنسين في كافة القطاعات والمواقع.