مدار الساعة - عقد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، والممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، والأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ناصر كامل، مؤتمراً صحافياً مشتركاً، اليوم في ختام أعمال المننتدى الإقليمي الثامن لوزراء خارجية دول الاتحاد من أجل المتوسط الذي عقد في برشلونة برئاسة مشتركة من الأردن والاتحاد الأوروبي، وباستضافة من إسبانيا.
وقال الصفدي إن الحرب الدائرة على غزة ليست سوى مظهراً من مظاهر الرعب الذي جلبه الاحتلال على الفلسطينيين لعقود من الزمن، مشيراً إلى أن هذا الصراع لم يبدأ في السابع من تشرين الأول. وأضاف "كلنا ندين قتل المدنيين في السابع من تشرين الأول، ولكن ما نراه اليوم هو أيضاً نتيجة للاحتلال الذي لم يظهر أي علامة على انتهاء سياسات الحكومة الإسرائيلية التي عملت بشكل منهجي على تقويض احتمالات السلام، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه، حكومة يقول فيها الوزراء إنه يجب محو الشعب الفلسطيني من على وجه الأرض، إنهم ينكرون إنسانية الشعب الفلسطيني، ينكرون ثقافتهم، إنهم ينكرون تاريخهم، إنهم ببساطة ينكرون حقهم في الوجود"، مؤكداً بأن هذا إرهاب أيضاً.
وأضاف "قبل أن يبدأ هذا الصراع، كان هذا العام هو الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عقود، ولم يقتصر الأمر على إرهاب المستوطنين ومصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات، بل إن التصريحات السياسية وسياسة الحكومة الإسرائيلية كانت تتصرف كما لو أنه لا توجد قضية فلسطينية، كما لو أنهم يستطيعون تجاوز الشعب الفلسطيني والقفز عنه وحقوقه ويحققوا السلام الإقليمي، وقد أظهر هذا الصراع أن الأمر لا يمكن أن يكون كذلك". وزاد "لقد أظهر هذا الصراع أن السبيل الوحيد أمامنا جميعاً في المنطقة لتحقيق السلام هو أن يعامل الشعب الفلسطيني كبشر متساوين حتى يحصل على حقوقه، حتى يتمكن الفلسطينيون والإسرائيليون من العيش في سلام".
وقال الصفدي "أتينا اليوم لإجراء محادثة مفتوحة وصريحة للغاية، اتفقنا واختلفنا في بعض النقاط، ولا يزال بعض زملائنا يطلقون على قتل ١٥ ألف فلسطيني، وتدمير أكثر من ١٦٠ ألف منزل، والتدمير الكامل للمستشفيات، والحرمان من الغذاء والماء والوقود والدواء، اسم الدفاع عن النفس"، مؤكداً بأن هذا ليس دفاعاً عن النفس بل هو عدوان صارخ.
وأكد الصفدي على أن جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، وما يحدث في غزة يقع ضمن نطاق التعريف القانوني للإبادة الجماعية، مطالباً بتنفيذ وقف إطلاق النار على الفور، لأنه في كل دقيقة يُسمح فيها باستمرار هذا العدوان، يموت الفلسطينيون ليس فقط بالرصاص الإسرائيلي، بل يموتون بسبب حرمانهم من الماء والدواء والكهرباء وغيرها من الضروريات الأساسية.
وقال الصفدي "نحن جميعاً نريد السلام، نريد السلام العادل والدائم والشامل"، مشدداً على أن الطريق إلى هذا السلام لا يتمثل في ترسيخ الاحتلال، وأن الطريق إلى هذا السلام لا يمر عبر الحرمان المستمر للشعب الفلسطيني من حقوقه، ولا يمكن تحقيقه من خلال إنكار وجود حقوق الشعب الفلسطيني، بل إن الطريق إلى هذا السلام هو إنهاء الاحتلال، وعلى أساس حل الدولتين، الذي يتيح إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس المحتلة، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
وشدد الصفدي على ضرورة التحرك الفوري والفاعل لإنهاء هذه الحرب التي لا تقتل الفلسطينيين الأبرياء فحسب، بل تقضي أيضاً على ثلاثين عامًا من العمل الذي بدأ هنا في إسبانيا لتحقيق السلام، وإقناع شعوب الجانبين بأن السلام هو الطريق الوحيد للأمن والازدهار والحياة الكريمة، مشيراً إلى أن الناس قد فقدوا الثقة في جدوى عملية السلام.
وزاد الصفدي "إن التكلفة المروعة لهذه الحرب، تحتم علينا أن نعمل بشكل موحد، وأن نتحرك بوضوح، وأن نتحرك بحزم لوقف الكارثة التي تهدد أمن المنطقة بأكملها، والتي ستكون لها تداعيات تتجاوز حدود المنطقة، في جوارنا وفي أوروبا وأماكن أخرى".
وأكد الصفدي على أن القانون الدولي وضع لكي يلتزم به الجميع، ولم يوضع بحيث يُسمح لبعض الدول بخرقه، مشيراً إلى أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي، وتتصرف وكأنها فوق القانون، مشدداً على أن هذا يجب أن يتوقف.
وأشار الصفدي إلى ما قاله الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأن هذه الحرب ليست حرباً دينية، ولم تكن حرباً دينية أبداً، بل هي حرب وصراع متجذّر في احتلال دولة لأخرى.
وقال الصفدي "نحن ملتزمون بالسلام العادل والدائم"، مؤكداً بأنه لا يمكن لإسرائيل أن تتمتع بالأمن ما لم يتمتع به الشعب الفلسطيني، وعلى وجوب أن تكون للحياة القيمة نفسها؛ الحياة الفلسطينية والحياة الإسرائيلية.
وأكد الصفدي على أن اجتماع اليوم كان مهماً للغاية "اتفقنا خلاله على قضايا أساسية؛ اتفقنا على أنه لا ينبغي أن يكون هناك مزيد من القتل، اتفقنا جميعاً على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، اتفقنا جميعاً على ضرورة دخول إمدادات كافية إلى غزة وغزة بأكملها، جنوبها وشمالها، اتفقنا جميعًا على أن نقل السكان أمر غير مقبول، وأن التهجير، الذي يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي غير مقبول، على أن ١،٧ مليون فلسطيني الذين طردوا من منازلهم، بعد أن تم تدميرها يجب أن يتمكنوا من العودة إلى غزة". وزاد "موقفنا وموقف الدول العربية والإسلامية هو أنه لا يمكن أن تكون هناك غزة وحدها، ولا يمكن أن تكون هناك إدارة أمنية في غزة لأننا رأينا ما فعلته الإدارة الأمنية في السابق".
وأشار الصفدي إلى مبادرة السلام العربية في العام ٢٠٠٢، واستعداد العالم العربي لتحقيق السلام مع إسرائيل، وإقامة علاقات طبيعية معها مقابل إنهاء إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية، وتحقيق السلام على أساس حل الدولتين.
وقال "ما نريده هو أن تتوقف هذه الحرب وتتوقف على الفور، وأن يتم حماية الفلسطينيين، وأن تدخل الإمدادات الكافية إلى غزة على الفور، وإنهاء هذا الصراع على أساس حل الدولتين وفقا للقانون الدولي والمرجعيات المتفق عليها".
وختم الصفدي "كفى قتلًا، كفى دمارًا، كفى حربًا، كفى صراعًا، ودعونا نضع منطقتنا على الطريق نحو السلام الدائم العادل الذي لن يتحقق إلا إذا حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة في الحرية وإقامة دولته المستقلة"، مؤكداً بأن هذه هي المهمة الأساس، وبديل هذه المهمة هو المزيد من القتل والصراع والدمار، واليأس.
والتقى الصفدي، على هامش أعمال المنتدى، وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ووزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس، في اجتماعين منفصلين تناولا تطورات الأوضاع في غزة، والجهود المبذولة لوقف الحرب وضمان حماية المدنيين.
وشدد الصفدي على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته ووقف المعاناة والكارثة الإنسانية التي تنتجها الحرب المستعرة على غزة، وعلى ضرورة وقف إسرائيل لانتهاكاتها المتكررة والمتواصلة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وجميع القيم الإنسانية والأخلاقية، وعلى ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات فاعلة وعاجلة للوقف الكامل لإطلاق النار في قطاع غزة، وأهمية تأمين الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والماء والوقود والكهرباء إلى غزة.
كما عقد الصفدي ووزيرة الخارجية الهولندية هانكي برونز سلوت، اجتماعاً تناول تطورات الأوضاع في غزة، والجهود المبذولة لوقف الحرب وضمان إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة والكافية للقطاع. وشدد الصفدي على إدانة الأردن ورفضه المواقف العنصرية التي أعلنها النائب المتطرف غيرت فيلدرز، والتي أنكر فيها حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في حريته ودولته على ترابه الوطني، وتبنى فيها وهم إمكانية حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
وأكد الوزيران حرصهما على الاستمرار في تعزيز علاقات الصداقة المتنية التي تجمع المملكتين الصديقتين.
إلى ذلك، التقى الصفدي وأعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة، وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، في اجتماع بحث تطورات الأوضاع في غزة ومحيطها، وما حققته الهدنة الإنسانية بالإفراج عن بعض الأسرى وعودتهم إلى ذويهم، بالإضافة إلى مناقشة الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار بشكل مستدام، بما ينهي العنف والصراع الذي طال أمده، ويساهم في فتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإغاثية العاجلة لقطاع غزة.