يعتبر الوفاء سمة اجتماعية أخلاقية تتجلى بإخلاص الفرد وتفانيه من أجل قضية أو شيء بصدق خالص قولا وفعلا.
والعلاقة بين الوفاء والصدق علاقة (أعم، أخص) فالوفاء أصل الصدق، فكل وفاء صدق، وليس كل صدق وفاء، فالصدق بالقول.
الوفاء سمة إنسانية إن وصلها الفرد فإن نفسه تكون قد بلغت مرحلة وصولها لفضائلها من مثل عُليا وقِيمٍ سامية وتكون متأصلة عنده لا يحيد عنها تحت طائلة أي من الأسباب.
والوفاء صفة يتمتع بها أهل الذوق السليم والطبع الكريم، متجذرة في طبعهم، يشعر بها دون أن يدركها إدراكا ماديا.
الوفاء نوع من رد الجميل، وهو من الصفات الجليلة النبيلةالتي ترفع من قدر صاحبها في الدنيا والآخرة.
والوفاء هو التفاني في حب ا لأوطان والصدق مع صاحب الجميل، هو أخلاق يتربى الفرد عليها ويعمل بها، وعقيدة قويمة يتمسك به.
الوفاء هو رد الجميل للوالدين ولأهل الفضل ولكل من يقدم معروفا أو عملا أو مساعدة مهما كبر أو صغر شأنها.
وهكذا فإن الوفاء هو سلوك يمارسه المرء نحو غيره قولا وفعلا نابعا عن قناعة تامة،حبا لا ادعاء ولا رئاء ألناس.
وقد جعل الله تعالى الوفاء قواما لصلاح أمورالناس (وأوفوا العهد إن العهد كان مسؤولا).
وإننا نعيش هذه الأيام أروع الأمثال في الوفاء والصدق مع الأوطان، يُسطِّرُه شعب فلسطين الجريحة عامة، وغزة خاصة، يجود بالغالي والنفيس للدفاع عن حياض الوطن، يخوض حربا شرسة مع عدو مدجج بأسلحة متطورة ولكنها لم تغن عنهم شيئا أمام أبطال (أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا)
وإننا نقف إجلالا واحتراما لمن يخرجون من تحت الركام يغسلون جباههم الأبية بدمائهم الزكية،يسجدون لله وأصابعهم ترفع شارة النصر،ويودعون قوافل شهداء النساء والأطفال العُزَّل،سلاحهم عقيدة وجهاد، إيمان بالله، حياة تسر الصديق أو ممات يغيض العدى، والفوز بالجنة.
لله درك غزة، من درة ثمينة!
فقد سَتَرْتِ عَوْرَةَ وسوْءَةَ خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر من المحيط إلى الخليج،والحال: وين الملابس؟
لقد برهنت للعالم أجمع على أن أمة حملت لواء الإسلام ونشرت مبادءه،وملأت الأرض عدلا بعد جور، بأنها أمة حية ولادة أبد الدهر، فهي وإن كبت فلكل جواد كبوة ولكل فارس غفوة، ولكن ما من جواد يكبو للنهاية، ما من فارس يغفو للأبد.
وهذه البطولات جعلت شعوب العالم تفيق، تصحو من شعارات خُدِعت بها من الغرب العنصري.
عفوا غزة ومعذرة!!!
فإن حصل تقصير منَّا، فإن العين بصيرة واليد قصيرة.
بعد كل هذه البطولات فإنه ما بين فينة وفينة يطالعنا البعض بأحاديث يعبر بها عما قام به من أعمال،بمناسبة وبغير مناسبة متبجحا بما حققه من معجزات.
ويُعَرِّج بحديثه على الإخلاص والوفاء وغيرها،وقد نسي أو تناسى، أنه لم يعد خافيا على أحد أنَّ كشف الأمور، ووضعها في نصابها ليست مستعصية على التمييز.
ومما لا شك فيه أن مبالغة الفرد في حديثه عن نفسه ما هو إلا من الحيل اللاشعورية كما (يقول علماء النفس) يخفي بها ما هو متأصل لديه من نقص ومثال ذلك حديث البخيل عن الكرم بصورة كثيرة،وحديث الجبان عن الشجاعة...الخ.
فما أجمل إعتدال الفرد في أقواله عن نفسه،وما أحلاه أن يكون صادقا مع نفسه قبل ان يكون صادقا مع غيره، فالصادق مع نفسه يكون صادقا مع غيره.
ورحم الله إمرءا عرف حدَّه ووقف عنده. ورحم الله أمرءا عرف قدر نفسه.
ختاما تحيا فلسطين الحبيبة حرة عربية أبية.
تحيا غزة لها النصر والمعزة.