ثمة مؤشرات على أن الائتلاف الفاشي الذي يقوده نتنياهو بات مُعرضاً للإنفراط، خاصة بعد الجدل والمساجلات الطويلة والحادة التي جرت قبل «مصادقة» حكومة الحرب, على هدنة الأيام الأربعة التي ستجري خلالها عملية تبادل الأسرى، ومعارضة ثلاثة وزراء ينتمون لحزب المستوطنين (عظمة يهودية) بقيادة الفاشي بن غفير (كان لافتاً أن وزراء «حليف» بن غفير في اليمين المتطرف/زعيم حزب الصهيونية الدينية وزير المالية/سموترتش, صوّتوا لصالح إعلان الهدنة وصفقة تبادل الأسرى).
وسط أجواء كهذه، بدأت اوساط في المؤسستين العسكرية والأمنية ممارسة ضغوط على نتنياهو, لتوجيه ما اسمته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية «ضربة حاسمة» لحزب الله، قد تكون - وفق الصحيفة - أسوأ من الحرب على غزة»...ما يعكس من بين أمور أخرى رغبة معسكر نتنياهو استثمار ضغوط كهذه، ليس فقط لمنع انفراط ائتلافه، بل خصوصاً شراء المزيد من الوقت لإطالة «عمره السياسي»، بعد الانهيار المتسارع في شبيّعته وتراجع التأييد لحزبه/الليكود في الإستطلاعات, التي باتت تمنح مُجرم الحرب/غانتس وحزبه/المعسكر الوطني تفوقاً كاسحاً، على نحو تت?اوى فيه مقاعد الليكود (إذا ما قاده نتنياهو) مع حزب يش عتيد/يوجد مستقبل برئاسة يائير لبيد (17 مقعدا, و42 لغانتس).
احتمالات تضعضع ائتلاف الفاشيين في تل أبيب بدت اكثر احتمالاً, إذا ما قفز بن غفير من سفينة نتنياهو الجانحة. خاصة أن الأخير قد «نقضَ» «الاتفاق» الذي تم توقيعه قبيل تشكيل حكومة نتنياهو الحالية أواخر العام الماضي, والقاضي بـ«عدم» اللجوء إلى التصويت حال حدوث اختلاف على قرار حكومي أو أكثر، بل اعتماد «التوافق» وسيلة وحيدة لاعتماد أي قرار في أي مسألة/ملف.
لجوء نتنياهو للتصويت على هدنة الأيام الأربعة وصفقة تبادل الأسرى, تعكس انعدام الثقة بين أطراف اليمين الفاشي الليكود, الصهيونية الدينية وعظمة يهودية (دع عنك الأحزاب الحريدية شريكة الائتلاف المرتبطة مصالحها «المالية» خصوصاً مع الليكود/نتنياهو)، لكن نتنياهو يمتلك ورقة «اضافية» ربما تدغدغ النزعات الفاشية لدى بن غفير, إذا ما خضع/نتنياهو لضغوط المؤسستين العسكرية والأمنية بإشعال حرب مع حزب الله، خاصة اذا ما تذكرنا «الأسرار» التي كشفتها وسائل الإعلام الصهيونية, بأن نتنياهو «رفضَ» اقتراح وزير الحرب/غالانت بتوجيه «ضر?ة استباقية» لحزب الله، قبل البدء بالحرب البرية على قطاع غزة. ويبدو أن أجواء ما بعد اتفاق هدنة الأيام الأربعة وتبادل الأسرى، ستمنح نتنياهو «فرصة» يمكنه اهتبالها، إلاّ إذا - وهذا احتمال وارد وأن كان ضعيفاً – حالت ادارة بايدن دون اقدام حكومة الحرب على اشعال حرب مع حزب الله.. خاصة أن بايدن الذي أعلن انه (راضٍ تماماً) عن توصّل «إسرائيل وحماس»، لأن بعض «النفوس الشجاعة» سيتم شملها مع عائلاتها، «إن تم تنفيذ هذا الاتفاق بالكامل». ربما لا يمنح/بايدن نتنياهو ضوءاً اخضر كالذي منحه وما يزال لمجرمي الحرب في تل أبيب لإبا?ة أهالي قطاع غزَّة وتدميره، إذ نُقِلَ عن مسؤول أميركي «كبير» أن واشنطن التي تتوقع ان تُفرج حماس عن اكثر من 50 أسيراً بينهم 3 أميركيات، تأمل/واشنطن بـ«هدنة» على الحدود بين إسرائيل ولبنان.
عودة إلى «تسريبات» وول ستريت جورنال... بثّ الصحيفة الأميركية تسريبات كهذه مباشرة، بعد «تأكدها» نجاح مساعي اقرار هدنة لأربعة أيام لتنفيذ صفقة تبادل الاسرى، وكشفها أن العدو الصهيوني حشد «أكثر من مائة ألف جندي, (زعمتْ الصحيفة بهدف الإثارة أن الجيش الإسرائيلي رفض مناقشة هذا «الرقم)، مع أضافتها أنه جرى إرسال «مُدربين إسرائيليين خاصّين» إلى القرى الحدودية مع لبنان، لِـ«تحديث المهارات القتالية لجنود الاحتياط»، مع ازدياد الضغوط على رئيس الحكومة/نتنياهو، لتوجيه ضربة حاسمة لحزب الله، يعني من بين أمور أخرى أن حزب الح?ب في واشنطن, كما أعضاء حكومة الحرب الفاشية الصهيونية، إنما يسعون إلى خلط الأوراق والإيحاء بأن موافقة نتنياهو وحكومته على الهدنة وصفقة تبادل الأسرى, لم ينطلق من موقع ضعف أو فشل في تحقيق أهداف حرب الإبادة على قطاع غزة، رغم مرور 48 يوماً عليها. الأمر الذي يستدعي فلسطينياً ولبنانياً, الحذر وعدم الاطمئنان إلى ان جيش النازية الصهيونية سيلتزم الهدنة, أو أنه لن يذهب لاشعال حرب شاملة مع لبنان. خاصة أن بياناً صدر عن مكتب نتنياهو أمس/الأربعاء، أكّد أنه «مقابل كل عشرة مُحتجزين إضافيين يجري إطلاق سراحهم، سيتم تمديد اله?نة لـ«يوم آخر»، وذلك «دون الإشارة» إلى إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في المقابل.
** إستدراك:
يستغل مؤيدو توجيه «ضربة حاسمة» لحزب الله, قيام حكومة نتنياهو بـ«إجلاء عشرات الآلاف من 42 مستوطنة» بالقرب من الحدود اللبنانية؛ بسبب مخاوف من أنّ هجمات «حزب الله» المُنخفضة المستوى حتى الآن على إسرائيل، قد تتحول إلى حرب شاملة. كما تقول «وول ستريت جورنال». ناقالة عن ضابط عسكري صهيوني متقاعد ًقوله: (أعتقد أننا أمام «فرصة العُمر» للقيام بشيء جدّي، مُضيفاً: «لن يعود الناس لأنهم خائفون، لذلك عليكَ أن تفعلَ هذا الآن»).