«لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها لكن عليها ان تراعي القانون الدولي»..
هذه الديباجة التي توحد خلفها الغرب بقيادة الولايات المتحدة منذ بدء العدوان الاسرائيلي على غزة.
إنها ليست فقط تجسيد للكيل بمكيالين، إنما هي تصريح واضح بالقتل.
الغرب يقول لإسرائيل اقتلي ما شئت من البشر، ودمري ما شئت من الحجر، ولا بأس فالقانون الدولي يمكن تطويعه بسهولة لأن من يديره هو نحن.
المواقف الأميركية والغربية هي أبعد من مجرد الكيل بمكيالين، هو يكشف ببساطة التصنيف الذي يخفيه العالم المتحضر للبشر.
الكيل بمكيالين ليس جديداً في تاريخ المواقف الغربية تجاه القضية الفلسطينية فقد رافقها على مدى قرن من الزمن، وغالباً ما كان دفاع الفلسطيني عن نفسه إرهاباً وغالباً ما كان قتل الإسرائيلي الفلسطيني دفاعاً عن النفس.. لكن لماذا هذا التمترس الشرس وراء هذه الديباجة؟.
لماذا الدهشة وقد كان الغرب هو أول من مارس ما تفعله إسرائيل اليوم، أليس الاستعمار والتنكيل بالشعوب العربية والضعيفة في آسيا وأفريقيا كان غربياً.
السياسة الأوروبية مفضوحة بشكل واضح حيال الحرب التي تدور في قطاع غزة، وهي لم تكن كذلك حيال الحرب في أوكرانيا على سبيل المثال، المسألة لا تتعلق بالعرب فقط بل بالمصالح أيضاً لكن ما هي مصالح الغرب في اوكرانيا بينما أن المزود الرئيسي للغاز في الغرب هي روسيا، وما هي مصالح الغرب في إسرائيل بينما أن مصالحها في العالم العربي أوسع وأكثر أهمية؟.
هذه تساؤلات تهتم في البحث عن الأسباب، ومن السذاجة طرحها عندما يتعلق الأمر بالموقف الالماني الذي كان أكثر تشدداً أوروبيا مع روسيا كما هو الحال في الدعم المطلق لإسرائيل، هل هي عقدة «الهولوكوست» التي تطاردها، لكن ليس هناك عقدة مماثلة في الموقف من روسيا.
المسألة تتجاوز إذن هذه العقدة وهي جديرة بالبحث..
هذا السقوط الأخلاقي ليس جديداً فقد شاهدناه في التعامل مع الهجرة والتمييز الصارخ بين اللاجئ الأوكراني ونظيره السوري أو الأفريقي.
لم ينبت أحد ببنت شفة على المستوى الدولي عندما كان الجيش الإسرائيلي والمستوطنون يستبيحون المقدسات ويسحلون النساء في الشوارع ويقتلون الشبان صباح مساء، لكن هذا المجتمع الدولي ذاته هب هبة رجل واحد لمجرد أن بدأ المستضعفون بالدفاع عن أنفسهم ضد آلات القتل والتشريد والتهجير وهدم المنازل وقتل الأطفال والشيوخ والنساء.
شعارات حقوق الإنسان والتي منحت الغرب والولايات المتحدة حق التدخل في سياسات الدول بالتنديد مرة والتدخل العسكري مرات، هذا الشعار يسقط عندما يتعلق الامر بالقضية الفلسطينية فتصبح هشة وكاذبة. وكنا نظن أن بعض الممارسات في ازدواجية المعايير نحو الشعب الفلسطيني والعرب عموما هو سلوك القوي لكنه ليس كذلك اذ يختبئ هذا القوي خلف شعارات حقوق الشعوب بالحرية والديمقراطية فيما ينتقي على هواه العبارات مزدوجة المعايير التي تسلب حقا لمن يستحق وتمنح حقا لمن لا يستحق لكنها ليست كذلك إذ أن هذه الازدواجية التي اعتدنا عليها تختبئ خلف المبادئ الاساسية حتى داهمنا هذا السلوك من دول وحكومات بذات الصيغة البشعة.
السياسة الإعلامية للغرب تمارس كل أشكال قلب الحقائق بمنتهى العنصرية عندما تطلق الفضاء بشتى الأوصاف لشعب لا يطلب إلا حريته.
كيف يقبل المجتمع الدولي أن يكيل بمكيالين عندما يصطف مثل جدار صلب خلف حق أوكرانيا بالدفاع عن نفسها وحريتها وحقها في الحياة بينما تستنكر ذلك على الشعب الفلسطيني.
لكننا سنكون واقعيين ونطالب بالتوازن في المواقف وفي التقييم وسنكون سذجاً لنطالب الغرب بما لا يستطيع.