انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

الغزاوية


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

الغزاوية

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/11/19 الساعة 06:56
ألملم المشاهد التي تأتي من غزة في ذهني, الغريب أني طوال هذه الأزمة لم أشاهد رجلا يرتدي بدلة وربطة عنق, بالمقابل كل من يطلون على الشاشة في إسرائيل يرتدون ربطات العنق والبذلات...
كان بودي أنا أشاهد سيارة (جي كلاس) أو مرسيدس متوسطة الموديل تجوب شوارع غزة, بالمقابل حين كان يأتي القصف على تل أبيب.. كل السيارات التي تعرض موديلاتها فوق (2020).. كان بودي مثلا أن اشاهد في غزة, سيدة تحمل في يدها ولو علبة ماء أو (مطرة) بالمقابل كلما كانوا يعرضون هروب اليهود من قصف القسام, كنا نشاهد النساء في الكيان يهربن وهن يحملن عبوات (ستاربكس)... أو عبوات مشروب الطاقة.
كان بودي أن أشاهد شابا من غزة يضع (تاتو) على يده, بالمقابل كل المناظر التي تعرض عن جنود جيش الكيان, وصورهم العائلية... تظهر فيها أجسادهم وهي (مرشومة) بالتاتو.. حتى أن والدة مجند أسير لدى القسام ظهرت أمس تستجدي, ظهرت وكانت رقبتها ممتلئة (بالتاتو)..
لما أشاهد سيدة واحدة في غزة من دون (حجاب).. ربما يسقط جراء القصف, ربما من نوبات الهلع يتم نسيانه, مع ذلك كل النساء اللواتي ظهرن.. كلهن ظهرن بالحجاب, بالمقابل المشاهد التي تظهر من (ريشون ليتسيون) كلها مشاهد: (شورتات, ملط, حلاقة ع الصفر...ألخ).
الإسلام الموجود في غزة هو إسلام مدني ومرن, في غزة لم تقطع اليد لأن أحدهم سرق.. لم تضرب المرأة بل بالعكس كرمت, لم يقوموا بتنفيذ الإعدامات على طريقة «داعش».. في غزة قدموا الإسلام بطريقة رائعة, والأهم أنهم لم يقوموا بمحاولات تصديره.. بل ظل الإسلام هناك مرنا ولم يصادر حرية المجتمع ولم يغلق الأفواه, بالمقابل إسرائيل هي الصورة الحقيقية للرأس مالية البشعة المتوحشة القاتلة... ومجتمعات الإستهلاك والرفاه وتكدس رأس المال... ماذا كانت النتيجة, كانت أن محافظة صغيرة لا يتعدى حجمها حجم مدينة مرسيليا الفرنسية استطاعت هزيمة نظام عالمي عمره أكثر من مئة عام.. هذا ما يزعج أميركا, حتمًا ما يزعجها هو النموذج الاجتماعي والإسلامي المعتدل الذي أنتج في غزة, والذي استطاع أن يضع قضيته على طاولات كل مواقع صنع القرار, وعلى كاميرات الإعلام...
غزة لم تعلمنا النصر, ولم تعلمنا فلسطين فقط.. غزة علمتنا أن المجتمعات الفقيرة والمؤمنة والملتزمة والخالية من الرفاه, تستطيع أن تنتصر.. غزة أسست نموذجا اقتصاديا وأيدلوجيا في هذا العالم, يتفوق على الإشتراكية وينتصر على الرأسمالية... ومن الممكن أن نسميه (الغزاوية)..
بعد عشرين عاما وفي نماذج الحكم التي مرت على العالم, صدقوني أن جامعات الغرب ستدرس: الإشتراكية, الجمهورية.. الأنظمة الرأسمالية, وستدرس (الغزاوية) كنموذج في بناء المجتمعات والحرب.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/11/19 الساعة 06:56