أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مقالات مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الحلالمة يكتب: دينية الدولة.. قارب النجاه أم عودة للمربع الأول


د. الحارث محمد الحلالمة

الحلالمة يكتب: دينية الدولة.. قارب النجاه أم عودة للمربع الأول

مدار الساعة ـ
يعد عامل الدين عاملاً أساسياً لدى الشعوب فهو عامل ارتباط روحي ومعنوي يقوي عنصر أي أمة ويوثق أواصر أي كيان سياسي فهو عامل جمع لا عامل تفريق ،فحتى عند الخوف على الدولة وتماسكها تذهب باتجاه الدين ليعيد شتاتها ويجمع مكوناتها تحت هذا السقف .
فالدين هو ما دفع الشعوب في اوروبا وفي الغرب للزحف إلى بيت المقدس في الشرق لاستعادتها من المسلمين متحملين عناء الترحال وهم على قناعة من اتباع الكنيسه أنه في حال الموت صدرت لهم صكوك الغفران وفي حال الفوز يستعيد بيت المقدس ويأخذ من خيرات البلاد ويأكل منها الشهد والعسل .
هنا نعلم أن نشأة اسرائيل هي نشأة صهيونية علمانية ليس لها علاقة باليهودية لكنها استثمرت الدين لاستدراج يهود العالم وشعب الله المُختار حسب ادعائهم للقدوم الى أرض الميعاد وجمعا لشتاتهم وإعادة لأحياء دولة اسرائيل من الفرات الى النيل ، لكن المتدينين اليهود ولغاية الان لا يؤمنون بهذه الدولة وإنما يرونها دولة صهيونية علمانية تحاول استغلال الدين لبناء كيان بائد لا محالة وهو إلى زوال اليوم أو غدا أو في بدايات العقد الثامن حسب وجهة نظرهم رعب الزوال و التي رأت أن هذا الكيان لم يدم أكثر من ٨٠ عاما .
القارئ لاسرائيل منذ عقود قليلة من زمان يرى حجم الارتباك في البيت الداخلي ووتناغم أفكارهم مع رُعب زوالهم فالخلافات والصراعات الداخلية هي نواة السقوط وهي الحرف الأول لمصطلح الانهيار، فهنا وعند استنفاذ هذه الوسائل التي تحاول ترميم البيت المُهشم القابل للإنكسار يأتي الساسه في اسرائيل لاخراج الورقة الرابحة دائما من أيديهم وهي الحديث بالخطاب الديني والتي تجسدت في اقرار قانون القومية اليهودية في عام ٢٠١٨ والذي يمثل القانون الأساسي أو دستور للدولة والذي يكرس أن الدولة هي دولة اليهود فقط لافضةً أي دين اخر خارجها و في افراز حكومة يمينية دينية متطرفة تؤمن بأن اسرائيل لها وحدها وتحول المجتمع الاسرائيلي بأكمله لمجتمع ديني متطرف لايؤمن بفكرة دولة مدنية ديموقراطية لا بل ترى أن اعطائها غير صبغة اليهودية هي بداية الانهيار رافضة وجود أي عنصر غير يهودي داخلها وإنما معيار المواطنة فيها ليس الجنسية إنما ديانة المواطن اليهودية فقط مُغلقة الباب أم أي حديث على علمانية الدولة أو على الأقل مدنية الدولة مراعية وجود عرب الداخل والديانات الاخرى في الداخل المُحتل .
المتابع الان للخطاب السياسي الاسرائيلي يرى أن افلاسه السياسي والعسكري في حربة على الشعب الفلسطيني في غزة وحتى في الضفة الغربية يظهر ابرازهم للخطاب الديني فاستشهاد نيتنياهو بنبوءه أحد أنبياء اليهود اشعيا والذي قال فيه (نحن النور وأنتم الظلمات ) مستنداً على أصحاح وأسفار قديمة في كافة التفسيرات لاتنطبق نبوءاتها على الوضع الراهن وليس لها أي التصاق بالواقع لأنها غير سليمة ولا بالمنطق السياسي والزماني والديني والمكاني ، فاستشهاده بأشعيا هي محاولة أيضا لاستجلاب عاطفة المسيحيين في العالم لانه عرف بأصحاحه بايراده الكثير عن السيد المسيح بالاضافة لمحاولة التذكير برواية ظهور المسيح مرتبطا بظهور الهيكل .
الشاهد هو أن التجربة أعطت للمواطن الاسرائيلي قناعة تامة الجنسية الاسرائيلية لم تعد تحميه وتقدم له أبسط مايريد من الأمان فسرعان بعد حرب غزة زادت الهجرة العكسية وأهالي المحتجزين لدى حماس بادرو باصدار جوازات سفر جديدة لتتعاطى المقاومة معهم وفقا لجوازاتهم الجديدة ، كل هذا يدخل المواطن الاسرائيلي بقناعة أن دولته كيان تفكر بعقلية القلعه وتمارس ممارسة العصابات والبلطجة لذلك لابد من العودة لدولة ديموقراطية حتى لو بالاسم فيأتي السؤال هنا ما مقدار المخاطرة بالعودة عن الدين في أن ينقذهم من طوفان صاحب الأرض الذي لم ولن يمر عليه تقادم بأن يقبل وجوده أو يعلي من نبوءاته اللاهوتيه الغير سليمة .
مدار الساعة ـ