أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

القيسي تكتب: لن نكون إخوة يوسف أبداً


نادية ابراهيم القيسي

القيسي تكتب: لن نكون إخوة يوسف أبداً

مدار الساعة ـ
منذ أكثر من ثلاثين يوماً وغزة هاشم تُدك موتاً اختلط فيه حمرة الدم ببياض الكفن الذي ضمته خضراء تراب الأرض المروية بمسك نزف الشهداء المتدفق تحت غمام الدخان الأسود الحالك كسواد وجوه التخاذل والخذلان التي توارت خلف كواليس الأحداث الدامية.
لتطل علينا هذه الوجوه بين الفينة والأخرى لتتشدق أفواههم المضطربة بخزعبلات مرضية تبرر الجرائم الصهيونية أو تحيد مواقف أصحابها خوفاً على مصالحهم الإمبريالية غير منصفين ولا حاسمين في اتخاذهم لقرارات تعيق اغتيال ما تبقى من فتات الإنسانية العالمية.
إن الأردن ممثلاً بقيادته الهاشمية الأبية وعلى رأسها الملك عبدالله الثاني لم يتوان منذ اللحظات الأولى لحرب غزة عن التحرك سريعاً على كافة الأصعدة لحشد الدعم والمساندة الإقليمية والدولية لإيقاف المجازر الإسرائيلية والجنون الوحشي في سفك دماء المدنيين وتدمير مدينة غزة بلا أي التزام أو احترام للمواثيق والمعاهدات الدولية ساعيين وهادفين لتهجير أهلها وإلغاء وجودها نهائياً.
فكان المشروع الأردني نيابة عن المجموعة العربية بشأن قرار وقف اطلاق النار في غزة الذي أُقر بأغلبية ساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة هو الترجمة الفعلية للجهود الدبلوماسية الأردنية الفاعلة بمصداقية افتقر لها مع الأسف بعض من امتنعوا عن التصويت وبالأخص ممن تجمعنا فيهم صلات الدين والعروبة.
وبعد ذلك توالت الجهود الجبارة لجلالة الملك عبدالله الثاني والحكومة بتوجيهات جلالته السامية فتضمنت جولات مكوكية متتابعة إقليمية ودولية بلقاءات متواصلة دبلوماسية لإنقاذ الوضع الإنساني في غزة لكن مع ازدياد التعنت الصهيوني وفظاعة ما يرتكبه من جرائم حرب بقصف المستشفيات المدارس والمدنيين النازحين جاء القرار بسحب السفير الأردني من دولة الاحتلال وتبليغ الخارجية الإسرائيلية بعدم إعادة سفيرها للمملكة الأردنية الهاشمية واشتراط لعودة السفراء وقف الحرب الطاحنة في غزة.
حيث لاقى هذا القرار الذي اُتخذ في وقته المناسب أصداء ترحيب محلية واسعة باعتباره استجابة لإرادة الشعب الداعية لاتخاذه منذ بداية الأحداث الأخيرة. وبازدياد الصعوبات والضغوطات بعدم وصول المساعدات الإنسانية الكافية عبر المعابر المعتمدة لانقاذ ما يمكن انقاذه في قطاع غزة و انقطاع الموارد الأساسية للحياة فيها من ماء غذاء ودواء بالإضافة لانقطاع الكهرباء استيقظ الأردنيون على يوم عزة ونصرة عظيم لما له من دلالات ومؤشرات قوية حالية ومستقبلية لنسمع ونقرأ عبارات ملك الإنسانية الهاشمي الملك عبدالله الثاني مصرحاً:
((بحمد الله تمكن نشامى سلاح الجو في قواتنا المسلحة في منتصف هذه الليلة من إنزال مساعدات طبية ودوائية عاجلة جوا للمستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة. هذا واجبنا لمساعدة الجرحى والمصابين الذين يعانون جراء الحرب على غزة. سيبقى الأردن السند والداعم والأقرب للأشقاء الفلسطينيين)).
وهذا هو القول الفصل.. نعم سيدي ''سيبقى الأردن السند والداعم والأقرب'' قول برهنته مراراً و تكراراً الأفعال الرجولية الأردنية البطولية الشامخة ضد عدو لا يؤتمن برغم كل الاتفاقات التنسيقات والتعهدات المنقوضة دوماً من قبل بني صهيون.
وليكتمل في نفوسنا الفخر وفي اليوم ذاته بأن نشاهد مقابلة تلفزيونية جديدة على إحدى قنوات الإعلام الأميركي لجلالة الملكة رانيا العبدالله لتنتصر مجدداً بقوة وحزم للشعب الفلسطيني ضد الانحياز الدولي، المعايير الأخلاقية العالمية المزدوجة والتضليل الصهيوني العالمي المتعمد تحت مسميات مختلفة منها مصطلح معادات السامية فكانت لكلمات جلالتها النابعة من صدق الايمان والعقيدة الفكرية السوية بالغ الأثر على كافة الأصعدة والأوساط العالمية و شفت فيها بعضاً مما في صدورنا بقول الحق غير القابل للنقض.
ولنزداد بعدها قوتاً و قوةً بتصريحات الحكومة الأردنية بممثليها عن رفض المخططات الصهيونية بتهجير الفلسطينين وباعتبار حدوث ذلك بمثابة اعلان حرب بإلاضافة لتأكيد اتخاذ الأردن للقرارات التصعيدية تدريجيا حسب المعطيات المستجدة لمواجهة هذه المخططات وسيناريوهاتها المتعددة. مما لفت الانتباه عالمياً أن الأردن فعلياً يعيد التقييم في علاقته بالكيان الصهيوني المحتل وما قد ينتج عن ذلك من تغييرات جذرية مستقبلية في منطقة الشرق الأوسط.
الدبلوماسية الأردنية هي القوة الحقيقة المثمرة باستخدام ميزان العقل والحكمة لكنها لن تعني أبداً التخاذل يوماً في نصرة أشقاء الروح و الدم و الانتصار الدائم لحقوقهم المشروعة ومطالبهم العادلة بحياة آمنة في أرض آبائهم وأجدادهم التي لم يفرطوا فيها يوماً أو يتنازلوا عنها كما يروج المتصهينين وبعض أتباعهم من مختلف الملل والعقائد.
وسيبقى الأردن بقيادته وشعبه يقود المسيرة حاملاً منارة الهداية في الدلالة المثلى وحث الخطى لنصرة الشعب الفلسطيني بكافة السبل ضارباً بعرض الحائط كل المساومات الضاغطة على المصالح الاقتصادية والسياسية بمواقفه الشامخة الأبية دوماً معرياً بذلك أقنعة شياطين الوسواس الخناس في معاقل الشر المرتدين لعباءات الفضيلة الزائفة ليبرهن الأردن على أرض الواقع الفرق الشاسع بين مرابط و مقاوم حقيقي وبين مقاول يتاجر بإسم النصر والدين.
لن نكون أخوة يوسف أبداً كما لم نكن يوماً برغم كل التحديات والمحن على مر الزمن وسنبقي كما عُهدنا وعاهدنا صامدين حاملين الأمانة ولها مؤديين مهما كلف الثمن وتحت رايتنا الأزلية الله الوطن المليك تحت الراية الهاشمية دائماً وأبداً.
حفظ الله الأردن وفلسطين.
والله دوماً من وراء القصد
مدار الساعة ـ