لا زالت أداة القتل والأبادة الجماعية الإسرائيلية المجرمة توغل في إرتكاب جرائم لم يشهد مثلها العالم غير مكترثة بمعاناة الشعب الفلسطيني ولا حتى بالقرارات والإدانات الدولية الخجولة وعديمة الفائدة والتي اعتدنا عليها طويلاً من عشرات السنين، ورغم المطالبات الدولية بعقد هدنة إنسانية لعدة أيام حتى تتمكن المنظمات الإنسانية الدولية من تقديم الإغاثة والمستلزمات الطبية الضرورية، إلا أن إسرائيل متعنته وترفض هذه المطالبات، وللأسف هناك قيادات عالمية تدعم وتبرر الرفض الإسرائيلي متذرعه بأن هذه الهدنة ستمكن المقاتلين الفلسطينيين من ترتيب أوراقهم وإعادة تمركزهم ومنهم هيلاري كلينتون - وللأسف - ويبدوا أنها بعد التقاعد تعاني من مشكلة ما.
القيادة الفلسطينية سواءاً أكانت قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله أو قيادة حماس بجناحيها السياسي والعسكري عليها وقبل فوات الأوان أن تعيد حساباتها وتحلل الواقع الذي تعيش فيه.
فكلا النهجين نهج عملية السلام الحالية والمفاوضات الذي تبنته السلطة الفلسطينية بعد اتفاقيات اوسلو لم يعد مجدياً ولا مقنعاً للغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني سواءً الداخل او الشتات بدليل أنه لم يتم أي إنجاز ملموس على الأرض لهذه المفاوضات والعملية السلمية برمتها إلا اذا كانت السلطة مقتنعة بما هي عليه الآن وبما منحته لها دولة إسرائيل الشريكة في عملية السلام المزعوم فلا سيادة ولا حتى سيادة منقوصة، وبذلك فانني اطالب السلطة الوطنية الفلسطينية الإعلان بأن عملية السلام الحالية انتقلت الا رحمة الله تعالى بدون مماطلة ولا تأخير، فالإنعاش لم يعد مجدياً وإكرام الميت دفنه.
أمّا النهج الثاني وهو نهج المقاومة الوطنية المسلحة والذي ينطلق من مبادئ عقائدية ووطنية وهو حق شرعي لكل شعب يرضخ تحت الإحتلال وكفلته كل الشرائع والقوانين الدولية حتى في عصرنا الحديث، ولا يختلف اثنان على هذا النهج، إلا أن هذا النهج بحاجة الا اعادة تأطيره في مؤسسات وطنية فلسطينية رسمية موحدة ومستقلة إستقلالاً كاملاً بقراراتها، فجماعات المقاومة الفلسطينية على اختلاف أسمائها التي حاولت سابقا اظهار انتمائها لمحور المقاومة الوهمية والذي أزيلت عنه كل مساحيق التجميل المغشوشة وانكشف وجهه الحقيقي للفسطينيين أولاُ قبل العالم بعد أن أدار ظهره للمقاومة الفلسطينية - على هذه الجماعات - أن تدرك أن بداية حل القضية الفلسطينية هو عودة الوحدة للصف الفلسطيني، وإزالة كل أشكال الفرقة والخلاف بين المنظمات الفلسطينية وتحقيق الهدف الوحيد للشعب الفلسطيني، وهو إقامة دولته على أرضه الوطنية، وأن تكون دولة مستقلة وموحده وقابلة للحياة.
إن الوحدة الفلسطينية وعودتها إلى عمقها وحضنها العربي وإعادة احياء العمل العربي المشترك خاصة بين الاردن ومصر وسوريا ولبنان ودول الخليج العربي بمنهجية واقعية تكاملية بدون حلول فردية أو مغامرات كمغامرات دون كيشوت وطواحين الهواء, وعرض القضية الفلسطينية على المنابر الدولية بالقوانين والحجة ومخاطبة العالم بأسلوب حضاري من قيادات فلسطينية شابة مثقفة تجيد الحوار والتفاوض سيعيد للقضية الفلسطينية حضورها وسيضيف لتضحيات الشعب الفلسطيني الشيء الكثير، فإذا كان النهج السلمي حلاً دولياً، فلتعلم هذه الدول أن عليها أولاً إقناع إسرائيل بأن السلام العادل والدائم له ثمن يجب أن تدفعه، وإذا بقيت مصرّة على عدم دفع ثمن السلام، فلا إستقرار ولا أمن وعليها التعامل مع أجيال وأجيال من الشعب الفلسطيني المقاوم.
وعليها أن تدرك بأنه شعب لن يرحل عن أرضه ولن يكون كالهنود الحمر وإن غدا لناظريه لقريب.
أصحاب القرار في إسرائيل عليهم التفكير ملياً والإستفادة من التجارب السابقة بأن التطبيع والتفوق العسكري والإقتصادي وماكيناتها الإعلامية الدولية لن تمنح شعبها الأمن والإستقرار والطمأنينة وان لم تعترف وتعطي الشعب الفلسطيني حقه في العيش الكريم في دولته المستقلة وأن تدرك بأن هذه المنطقة اذا تم العمل عل تنميتها وازدهارها واستغلال ثرواتها الطبيعية يمكن أن تكون منطقة تنعم بالحياة بدل أن تكون منطقة موت ودمار.
لذلك عليهم أن يكونوا أكثر حكمة وعقلانية.