لا يحتاج المرء لكثيرٍ من الذكاء كي يدرك أن وجود واستمرار ودعم المقاومة الفلسطينية لمشروع الكيان الصهيوني هي مسألة أمن وطني استراتيجي لفلسطين ولباقي الدول العربية التي تدخل جغرافياً ضمن المشروع الصهيوني التوسعي. فالمقاومة الفلسطينية هي خط الدفاع الأول "والأقوى" في مواجهة المشروع الصهيوني العدواني والتوسعي وأن خسارتها تعني توالي الخسائر المؤلمة التي سيفرضها خلوّ الميدان من المقاومة.
فإنهاء المقاومة الفلسطينية سيتيح للكيان الصهيوني وكفلائه فرصة استكمال الخطوات التالية للمشروع الغربي المتمثل في زرع كيان صهيوني غريب وعدواني في قلب الوطن العربي. فإسرائيل هي مشروع غربي يجري توظيفه لما أُريد له من أهدافٍ، سياسية واقتصادية ودينية وغيرها. ويجب أن تدرك الطبقات الحاكمة في الدول العربية الأهمية المطلقة لوجود وبقاء ودعم المقاومة الفلسطينية.
وإذا كان المأمول والمطلوب والحال كذلك هو تقديم الدعم المباشر للمقاومة الفلسطينية على كافة المستويات، وبالتأكيد استمرار الدعم للشعب الفلسطيني وهيئاته المختلفة على الصعيد الإقليمي والدولي، فإن الحد الأدنى المطلوب بشدة هو عدم التآمر على هذه المقاومة، وتركها وشأنها لتحدد شروط وطبيعة المواجهة مع الكيان الصهيوني في الزمان والمكان والآليات. فالمشاركة في التضييق على المقاومة الفلسطينية هي خيانة عظمى ليس فقط لفلسطين وحقوق شعبها في نضاله لطرد الاحتلال الصهيوني واسترداد حقوقه كاملةً غير منقوصة. بل هي خيانة للأمن الوطني للدول المعنية بآثار الاحتلال الصهيوني لفلسطين ومشاريعه التوسعية.
والمطلوب بشكل عاجلٍ وحاسم ما يلي:
• الاعتراف بدولة فلسطين على كامل حدود فلسطين التاريخية من البحر المتوسط غرباً إلى نهر الأردن شرقاً ومن حدود لبنان شمالاً إلى حدود سيناء جنوباً، ومنحها حقوق وامتيازات الدولة الأولى بالرعاية في جميع المجالات كأحد أوجه الدعم الشامل لدول فلسطين في مواجهة المشروع الصهيوني والغربي.
• مساعدة الفلسطينيين على توحيد مشروعهم الوطني في إطاره السياسي والعسكري. وإنهاء الانقسام وإلزام الجميع بتنفيذ واجباتهم في خدمة المشروع الفلسطيني.
• عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني أو سحب الاعتراف به فوراً وبشكل مطلق.
• وقف التطبيع مع الكيان الصهيوني على أي مستوى وإلغاء جميع اتفاقيات "السلام والتحييد" المبرمة مع هذا الكيان وغيرها من الاتفاقيات وقطع العلاقات السياسية والاقتصادية والعودة بالأمور إلى حالة المواجهة الشاملة. ولدى الدول العربية والإسلامية من القدرات والإمكانات والموارد ما يجعلها قادرة على فرض واقع جديد يعيد الصراع مع الكيان الصهيوني وكفلائه إلى المربع الأول.
• الاعتراف بأن المقاومة الفلسطينية باعتبارها حركة تحرر وطني لها الحق الكامل في مواجهة الاحتلال الصهيوني والدفاع عن نفسها بكل الطرق وهو ما تقرره القوانين والأعراف الدولية ومختلف الشرائع.
• تسهيل عمل المقاومة الفلسطينية من خلال احتضانها ودعمها بمختلف الوسائل، وتقديم الغطاء السياسي لها في كل المحافل الدولية.
• الاستعداد للحرب المحتملة أو التي قد تُفرض على الدول العربية من خلال تدابير يعرفها أصحاب الشأن وعلى رأسها إنشاء جيش عربي بقيادة موحدة وتشكيلات مختلفة في جميع الدول العربية لمواجهة احتمالات تصاعد الأمور.
• اصدار تشريعات تجرّم التعامل مع الكيان الصهيوني والتعاون معه وفرض أشد العقوبات على مخالفتها.
• تضمين المناهج الدراسية في مختلف المراحل مقررات للتعريف بفلسطين والقضية الفلسطينية برواية موضوعية صادقة منحازة للثوابت الدينية والتاريخية والقانونية وللحقوق الفلسطينية والعربية فيها.
• إدارة الصراع ومواجهة الكيان الصهيوني في مختلف المحافل الدولية لتجريده من أي شرعية ومحاصرته وتهديد مصالحه.
• رفع سقف المطالب الفلسطينية والعربية في مواجهة أي مبادرات للتسوية والإصرار على فرض الحلول العادلة لمختلف جوانب وآثار الاحتلال الصهيوني بالقوة اللازمة بما في ذلك المواجهة العسكرية.
إن تمتع "الكيان الصهيوني" بالأمن هو بداية نجاحه. لذلك؛ يجب ألا يتمتع هذا الكيان بالأمن في أي مكان وزمان على الأراضي الفلسطينية والعربية وفي مختلف دول العالم. لأن معادلة "كيان صهيوني غير آمن" كفيلة بحد ذاتها بتفجير هذا الكيان وإنهائه مهما بلغ حجم الدعم الدولي له من دول يمكن الضغط عليها بوسائل كثيرة لتغيير مواقفها لأن مصلحتها تقتضي عدم معاداة ربع سكان كوكب الأرض في مواجهة شرذمة صهيونية عدوانية مارقة.
وأخيراً، لا بد من التذكير بأننا حكاماً ومحكومين، مسؤولون عن السعي ومحاسبون عنه، وقد نُعذر في النتائج، كما لا بد من التذكير بأن عجزنا عن مواجهة الكيان الصهيوني في الوقت الراهن – على الرغم من عدم التسليم بذلك – لا يعطينا الحق أبداً في إنهاء المواجهة وفرض واقعٍ خطير على الأجيال القادمة التي سيكون من حقها وواجبها المواجهة والدفاع عن نفسها بكل الطرق الممكنة.