الحرب النفسية لا تقل خطورة في آثارها عن الحروب التقليدية، ولا غرابة أن الدول تفرد لها فرقا متخصصة تعمل ليل نهار مثل دوريات كثيفة الحركة في الفضاء الإلكتروني.
هذا ما يحدث اليوم في ظل الحرب الإسرائيلية البشعة على الفلسطينيين في غزة، فذبابها الإلكتروني لا يمل توجيه ضربات مباشرة لمواقف الدول الشاجبة لهذا العدوان والتي لها مواقف راسخة وواضحة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني والأردن في مقدمة هذه الدول.
نعم محاولات اسرائيل للتشويش على الموقف الوطني الاردني في جبهته الداخلية لم تتوقف لا قبل هذه الحرب ولا خلالها وهي لن تتوقف بعدها.
شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تعج بالمعلومات المضللة والأخبار المفبركة والصور المزيفة.
هذا سلاح رديف تبرع به الة الحرب والعدوان الاسرائيلية وهي الحرب الإعلامية والنفسية التي تمارسها إسرائيل ضد العرب ومنها التشكيك البغيض بمواقف القيادات ومحاولات خلق فجوة ثقة وتعبئة ضدها وضد رموزها.
أثبت العرب المتهمون بالعنف والإرهاب انهم دعاة السلام وأن إسرائيل هي داعية حرب وتهجير وعنف وها هي المشاهد المأساوية التي تبثها شاشات التلفزة ومواقع التواصل حول العالم تؤكد هذه الحقيقة.
بسرعة تغيرت مواقف شرفاء العالم وقياداتهم تجاه إسرائيل التي حاولت أن تظهر بمظهر الضحية فوقعت في فخ الاعلام الذي نصبته.
وهنا في الاردن لكم تصدينا لمحاولات التصيد في المياه العكرة، والتشكيك بمساندة الأردن للشعب والقضية الفلسطينية وهو ما يغيظ إسرائيل التي لا تمل المحاولة وبالرغم من الضائقة الاقتصادية والتضييق المتزايد فموقفه ملكا وحكومة وشعبا واحدا.
هل تذكرون عندما قال الملك عبد الله الثاني أن القدس خط أحمر.. لقد رفض الملك الاغراءات وأزاح بوجهه عن العروض على ألا يتنازل عن القدس وعن دعم القضية وعن حق الشعب الفلسطيني في دولة ووطن ناجز وهو هدف استراتيجي للأردن لم يتغير ولم يتبدل طوال سنوات الصراع حتى لو كان الثمن ١٠٠ مليار ولا حتى ١٠٠ تريليون!! موقف مثل هذا يستحق التبجيل والدعم والمؤازرة لكن الاهم هو تماسك الجبهة الداخلية صفا واحدا خلف وإلى جانب هذا الموقف الصلب.
الأردن في خندق واحد، مع الفلسطينيين لمواجهة الصلف الإسرائيلي الذي لا يصبر حتى ينكشف عن عدوانيته التي باتت تهدد الأمن الإقليمي والدولي.
كان طبيعيا أن تمارس اسرائيل معركتها بأدوات قذرة وهل هناك ماهو أقذر من الجرائم التي ترتكبها كل طالع شمس، لكن الاسوأ هو تشكيك الشعوب في قياداتها ورموزها.
والمؤسف في كل هذا هو أن هناك من يتلقف هذه الشائعات ويروج لها ويرددها ويسعى إلى تكريسها كحقيقة، هذا هو الطابور الخامس الذي تراهن عليه إسرائيل وهم عملاء لها بالمجان ونقلهم للأكاذيب لا تقل جريمته في تقويض اللحمة عما تفعله إسرائيل التي تسعى لقيادة العالم العربي إلى الجهل والظلام باعتبارها واحة العلوم والديمقراطية!!.
لا تلتفتوا للمزايدات ولا للشائعات التي تحاول إسرائيل دسها بينما يخوض الفلسطينيون معركة تحرير الإنسان، بينما تخوض اسرائيل معركة تحريف الحقائق وبث التشكيك وتشتيت الانتباه، فالدولة الأردنية بمؤسساتها الأمنية والمدنية تعرف وتعي أهداف وغايات هذه الأنواع من الحروب.