منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" والأردنيون يتابعون الأحداث في غزة لحظة بلحظة ويرصدون كل ما يقوم به جيش الإحتلال الإسرائيلي من إجرام وقتل وتشريد للغزيين العُزّل، الذين تركهم العالم في مرمى القذائف الصهيونية فأصبح الأردني ينام ويستيقظ وهو يتابع صور وفيديوهات الدمار ودماء الشهداء من نساء وشباب وأطفال وشيوخ.
وانعكست مجريات كل هذه الأحداث الدموية في غزة بفعل طائرات الكيان الصهيوني الغاشم على حياة الأردنيين وعلى مزاجهم العام ،فلا رغبة لديهم بعمل أي شيء، وظهر ذلك من خلال منشورات معظم الأردنيين على السوشال ميديا وعلى أحاديثهم في أماكن عملهم وفي مجالسهم اليومية وفي بيوتهم أيضاً,حتى أن بعضهم قام بتأجيل مواعيد أفراحهم وأعراسهم تضامناً مع أحزان إخوانا في غزة .
وينتاب الأردنيون صغاراً وكبيراً بعد حجم الدمار الذي طال غزة والجراح التي أصابت أهلها حالة من الشعور بالعجز وعدم الإنجاز والإكتئاب والقلق والتوتر والخوف
وأرق بالنوم مما يتعرض له الغزيين من جرائم حرب وقتل وتشريد حتى قطع عنهم الإحتلال كل ما يعينهم على الحياة.
وتمضي الأيام وقد جعلت الواحد منا فاقداً للشغف ودائماً يشعر بالتعب النفسي الشديد بسبب قسوة أحداث غزة ،فتولدت لدينا ضغوطات نفسية في الحياة العملية والعائلية، حتى أصبح التعبير الدارج على لسان الرجال والنساء سواء في أماكن عملهم وفي جلساتهم وعلى صفحاتهم على السوشال ميديا "نفسيتي تعبانه"، بعد ما شاهدوه عبر شاشات التلفزة العربية والعالمية التي تنقل على مدار الساعة ما يجري من من سفك لدماء الأبرياء في غزة.
كما أن هذا التعب النفسي جعل الأردني يشعر بالتعب والإرهاق والخمول ، بالإضافة إلى أن التعب النفسي يجعل الإنسان يفضل العزلة والجلوس بمفرده وهذه الحالة قد تصل إلى الدخول في حالة من الاكتئاب النفسي الشديد.
إن ما نشهده اليوم في غزة، من ظروف مروعة سوف تترك صوراً لا تنسى في الذاكرة، قد تؤثر على صحتهم النفسية وتتسبب في أزمات يصعب علاجها، وقد تتحول إلى أزمات نفسية مزمنة.
ويحاول البعض أثناء هذة الظروف أن يتفادى المخاطر بكل ما أوتي من قوة وأن يبقى حيًا، وبالتالي فالبعض يعبّر عن حالة الصدمة بالبكاء والقلق الشديد، والبعض الآخر يعتمد (التأجيل) كآلية دفاعية نفسية، أو من خلال إعطاء معنى مؤلم سامٍ لما يحصل، أو من خلال النكران للحالة القائمة للتخفيف من وطأة ما يجري ،وهذه الحالة النفسية التي يعيش خلالها الفرد حالة شبه طبيعية بعد الصدمة مباشرة، وتظهر الأعراض النفسية الناتجة عن الصدمة بعد زوال التهديد بفترة وتتضمن هذه الأعراض: القلق الحاد والهلوسة وزيادة ملحوظة في الحركة، وأحيانًا غياب عن الحاضر وتلويم النفس، وقد تتحول إلى مشاكل جسدية كالتأتأة والعودة للتبول لدى الصغار وتساقط الشعر لدى الكبار وغيرها…
فمُصيبتنا في فلسطين ،فحين نتحدث عن فلسطينَ والأقصى نجدُ أنفسَنا أمامَ مأساةٍ تعجَزُ الكلماتُ عن وصفِها، اختلطَتْ فيها العَبَراتُ بالعِبارات.
عمَّ نتحدّث؟ عن شعبٍ أعزلٍ يواجِهُ مجزرةً جماعيّةً بَشِعة، إن المؤامرةَ أصبحتْ حقيقةً واقعةً ظاهرةً للعيان، تتسارعُ خطُواتها يومًا بعد يوم، ومعَ ذلك نعلمُ يقينًا أن قضيةَ فلسطين لن تُنسى؛ لأنها في قلبِ كلِّ مسلم.
لقد تأذينا كثيراً بسبب أعمال العنف الذي يمارسه جيش الإحتلال الغاصب المجرم ضد أهل غزة ، فقد أُرهقت الأرواح وتمزقت الأسر وفقدت فلذات أكبادها من الأطفال أمام أعينها تحت ركام منازلهم، كما طالت آلة الحرب الصهيونية المدمرة المستشفيات والمدارس...
إلى متى كل هذا ؟
فتعز علينا غزة.. تعز علينا أحزانها..فسلامٌ الله عليها حتى تطمئن.
وفي هذه الأيام المريرة تتلقّفنا أخبار الموت والانهيارات كصفعاتٍ من نار ، يبدو فيها الشهيد وحده من نجا ، أمّا نحن ، فجميعنا جرحى في الجسد أو الروح أو الذاكرة!.
فلن نيأس من رحمة الله ،الله تعالى يرسل النصر ،ويجعل الأسباب من حيث لا نحتسب ،ومن يتّق الله يجعل الله من أمره يسراً
إنا لله وإنا إليه راجعون…
وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.