مُباشرة بعد رفض الرئيس الاميركي/بايدن, الحديث عن «هُدنة إنسانية» في قطاع غزّة قبل إفراج «حماس» عن الرهائن, أعلنَ مُتحدّث مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض/كيربي (الذي بكى وذرفَ الدموع على الطفل المحروق «المُزيّف», الذي روّج نتنياهو حصوله على أيدي مقاتلي حماس), أعلن عبر شبكة CNN الأميركية أننا «لا نعتقد بأن هذا هو الوقت المناسب لوقف إطلاق النار، لإسرائيل - أضاف في نبرة عالية- الحق في الدفاع عن نفسها, وما زال أمامها «عمل يتعيّن» عليها القيام به لملاحقة قيادة حماس»..
تصريحان يُلخصان الموقف الاميركي ليس فقط الداعم والمُبرر جرائم الحرب والمجازر والإبادة الجماعية التي يقارفها جيش الإرهاب الصهيوني, المتكئ على الدوام على سردية وتراث القتل والمذابح, في «حرب التحرير» التي تولّتها منظمات الإرهاب الصهيونية قبل النكبة, بدعم ومساندة وتخطيط مع المستعمرين البريطانيين. بل خصوصاً في ما منحته الإدارات الأميركية المُتعاقبة من «أضواء خضراء لسلسلة الحروب والغزوات والمذابح التي قارفها جيش الدولة العنصرية, ضد الشعب الفلسطيني والدول العربية المجاورة لفلسطين التاريخية وشعوبها، فضلاً عن دعم و?شنطن غير المحدود لتنصّل وازدراء تل أبيب كل القوانين الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني, فضلاً عن تلك الاتفاقات التي رعتها واشنطن بعد احتكارها «عملية السلام», قبل وبعد اتفاق أوسلو الكارثي وما استطاعت الإدارات الاميركية إنتزاعه من القيادة الفلسطينية ثمانينات القرن الماضي, وبخاصة بعد ترحيل منظمة التحرير من بيروت, إثر الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 واعترافها بالقرار 242.
من هنا تبدو دعوة بايدن إلى استمرار «تدفّق» المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة مجرد علاقات عامة لا قيمة لها ولا أثر, ما دام الضوء الاخضر الأميركي مستمراً لجيش الإرهاب الصهيوني, الذي يفتك بألوف الغزيين ويقصف البيوت على رؤوس ساكنيها ويوجّه إنذارات للمشافي, «التي خرج معظمها عن الخدمة لنفاد الوقود» بالإخلاء تمهيداً لقصفها, كما جريمته ضد المشفى المعمداني الذي يتسابق قادة المعسكر الغربي في تبرئة العدو من استهدافه,كان آخرهم الهندوسي العنصري/سوناك رئيس وزراء بريطانيا, الذي «رجّح» عدم مسؤولية إسرائيل عن قصفه.
اشترطَ بايدن (الذي أطلعَ نتنياهو على الدعم الاميركي لإسرائيل, والجهود المستمرة للردع الإقليمي بما في ذلك عمليات الانتشار العسكري الجديدة)، اشترط إعلان «هدنة» في القطاع بان تقوم حماس بالإفراج عن الرهائن, فيما كانت «حكومة الحرب/ الطوارئ» الذي شارك بايدن ووزير خارجيته/بلينكن في اجتماعاتها، اشترطت الموافقة على وقف للنار بـِ(إطلاق حماس للرهائن وإعلان «استسلامها» بدون شرط أو قيد). ما عنى من بين أمور أخرى تواصل الحرب, ولكن مع دخول قوافل مساعدات إنسانية, يقوم جيش العدو بتقنينها وتفتيشها بشكل مُطول يقصد منه إعاقتها?وأحياناً رفض إدخالها.
كان لافتاً أيضاً دخول الرئيس الأميركي الأسبق/أوباما على خط الحرب, التي تشارك بها بلاده على قطاع غزة, عبر مقالة نشرها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي بعنوان «أفكار عن إسرائيل وغزة», مُنتقداً قرار إسرائيل قطع الإمدادات عن غزة, و«محذراً» من التداعيات الخطيرة التي ينطوي عليها هذا القرار، قائلاً: إن قرار الحكومة الإسرائيلية قطع الغذاء والماء والكهرباء, لا يُهدد فقط بتفاقم الأزمة الإنسانية، إذ من الممكن «أن يُؤدي إلى تصلّب التوجّهات الفلسطينية لأجيال» ومضى مُلقياً مواعظه في ثرثرة بائسة, حاول من خلالها الطمس على?مشاركته شخصياً بل مُباركته أثناء ولايتيه في البيت الأبيض, عندما شنت إسرائيل عدوان على القطاع عام 2012 (المسمّى إسرائيلياً/عامود السحاب), وعدوان العام 2014 الموصوف صهيونياً (الجُرف الصامد), قائلاً في نفاق يستبطِن الحرص على إسرائيل ومكانتها: إن القرار «يُمكن أن يُفضي أيضاً لتآكل الدعم الدولي لإسرائيل, وهو ما قد - أضاف اوباما - يصبّ في مصلحة أعداء إسرائيل, ويقوّض الجهود الطويلة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة».
فهل ثمة ما هو أكثر زيفاً ونفاقاً من عبارات متهافتة كهذه،سمعناها من كل رؤوساء أميركا والغرب الاستعماري منذ عقود طويلة، وما تزال تتردّد على ألسنتهم صباح مساء, فيما يتواصل سفك الدم الفلسطيني والعربي بمباركتهم.
*استدراك:
قامت خرائط (غوغل وأبل وويز), بتعطيل تحديثات حركة المرور المباشرة لمناطق إسرائيل وقطاع غزة. بناء على طلب (الجيش الإسرائيلي)، وذلك قبيل اجتياح بري وشيك على قطاع غزة، وفقا لشبكة بلومبيرغ الإخبارية.
وقال متحدث باسم غوغل: «كما فعلنا سابقا في حالات الصراع واستجابة للوضع المتطور في المنطقة، قُمنا مؤقتا بتعطيل القدرة على متابعة حركة المرور الحية وبيانات اختناقات المرور الكثيفة مراعاة لسلامة المجتمعات المحلية».
ما يعني ان تلك الشركات العملاقة لم تكتفِ بمحاربة المحتوى الفلسطيني والعربي, بل انخرطت في الحرب مباشرة وعلناً, لأن إبقاء تلك الخرائط مُتاحة, يمكن أن» أن يكشف معلومات حركة المرور المباشرة عن تفاصيل حول تحرّكات القوات الصهيونية».