مع ازدياد كل الاحتمالات في توسع نطاق الحرب بين الفلسطينيين وإسرائيل الى نزاع أو حروب إقليمية، الا ان الواقع يذهب الى أن الحرب هي أكبر من ذلك في الوقت الذي نرى فيه الدعم الأمريكي العسكري المباشر لإسرائيل والدعم الاخر من كثير من دول العالم، وبالمقايل هناك دعم من دول أخرى الى حماس والفصائل الفلسطينية، واليوم وكما نرى لا أحد يمكنه ضمان السيطرة على الوضع خصوصا بعد هذا الاصطفاف الدولي الى فريقين أيضاً متناحرين ويتحاربا حرب ضروس.
وهذه ليست المرة الأولى للقتال بين الفلسطينيين والإسرائيليين، نحن والعالم يعرف ذلك، لكن الان ما نراه حرب وكأنها عالمية ونحن نسمع تصريحات دولية على مستوى رؤساء دول تحذيرات متبادلة بأنه لا ينبغي لأي دولة أو جماعة أن تسعى إلى استغلال الوضع لصالحهم أو ينبغي تصعيد الصراع بأي اتجاه أخر، ومعروف أن الفلسطينيين لن يتوسعوا خارج أرضهم شبراً واحداً، اذاً أين الحكاية؟ انه عند استعراض ما يحدث خلال السنوات القليلة الماضية وتحديداً في نهاية عام 2013 تم الإعلان عن مبادرة الحزام والطريق على لسان الرئيس الصيني شي جين بينغ، وكان التركيز الأول على الاستثمار في البنية التحتية والسكك الحديدية والطرق السريعة.
وفي عام 2019 افتتح الرئيس الصيني قمة (طريق الحرير الجديدة) التي تمت بمشاركة ممثلين عن 150 بلداً، ولتي تهدف الصين من خلالها التسويق للمبادرة التي ستجعلها محوراً للعلاقات الاقتصادية العالمية ويتضمن المشروع فرعين رئيسين: البري “حزام طريق الحرير الاقتصادي”، والبحري “طريق الحرير البحري، حيث يمتد طريق الحرير البحري من الساحل الصيني عبر سنغافورة والهند باتجاه البحر المتوسط، أما الفرع البري فيشمل ست ممرات هي:
- الجسر البري الأوراسي الجديد الذي يمتد من غربي الصين إلى روسيا الغربية.
- ممر الصين – مونغوليا – روسيا الذي يمتد من شمالي الصين إلى الشرق الروسي.
- ممر الصين – آسيا الوسطى – آسيا الغربية الذي يمتد من غربي الصين إلى تركيا.
- ممر الصين – شبه جزيرة الهند الصينية الذي يمتد من جنوبي الصين إلى سنغافورة.
- ممر الصين – باكستان الذي يمتد من جنوب غربي الصين إلى باكستان.
- ممر بنغلاديش – الصين – الهند – ميانمار الذي يمتد من جنوبي الصين إلى الهند.
من هنا هل سيتفرج العالم من الشق الاخر وعلى رأسهم أمريكا وتسكت على كل هذا، بالتأكيد لا، وهذا واضح مما حدث قبل أشهر حيث انشاء مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والخليج العربي وأوروبا، ودعمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تطوير ممر جديد للسفن والسكك الحديدية، يربط الهند بالشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، وتم إطلاق الخطة على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي مؤخراً من خلال مذكرة تفاهم اتفق عليها القادة بمن فيهم الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الهندي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي أعلن عن المشروع.
هذا الممر سيكون عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم يعبر المملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل قبل أن يصل إلى أوروبا، وسيشمل المشروع أيضاً كابلاً بحرياً جديداً وبنية تحتية لنقل الطاقة، وفقاً لما ذكرته "فايننشال تايمز".
هنا يأتي الجواب على كثير من اسرار الاصطفاف العسكري والمادي والمعنوي لدعم إسرائيل في حربها على غزة وكأن هنالك سراً في غزة يعتبر عائقاً لمشروع اقتصادي ضخم، تحقيقه بالنسبة لأمريكا هو قرار مفصلي لمجاراة الصين وروسيا بخط الحرير الاقتصادي.
هنا وحيث تكشفت حقيقة السلام انها تبدأ من فلسطين وليس من غيرهم وبما أن المقاومة الفلسطينية بينت قدرتها بإعادة خلط كل الأوراق الإقليمية والدولية، فانه على العرب أن يستفيدوا من هذه الحالة ابتداءا من اجبار اقطاب العالم على التفكير بطريقة جديدة نحو السلام الحقيقي مع الفلسطينيين باعتبارهم قضية العرب ومفتاح الهدوء بالمنطقة، ومن نواحي أخرى العمل على اعادة تشكيل توازن دولي تجاه العرب وقضيتهم المركزية، وتوظيف حالات ضبط النفس واحترام القرارات الدولية خصوصاً للدول المعنية مباشرةً بالقضية الفلسطينية.