انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مختارة مقالات مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة

نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة يكتب عن الحرب.. ما قبلها وبعدها.. والمآلات العسكرية والسياسية

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,نقيب الصحفيين,قطاع غزة,الضفة الغربية
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/24 الساعة 11:34
حجم الخط
مدار الساعة - بقلم: نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة
لكل من أمريكا و"إسرائيل" أسبابهما ومقاربتهما الذاتية والموضوعية وهما تنفذان إجرامهما في قطاع غزة.
وفهم هذه الأسباب، بشكل دقيق وعميق، من شأنه أن يحدد طبيعة المآلات العسكرية والسياسية لكل ما يجري الآن.
السببان الرئيسيان لكل منهما يقفان في قلب القرار العسكري والسياسي، ولا يتوقع أن يكون هناك تحولات أو إزاحات ذات مغزى عنهما.
أمريكا..
السببان الامريكيان يتركزان في التالي:
1. أمريكا في مواجهة انتخابات رئاسية العام المقبل، والرئيس الحالي جو بايدن يريد خوضها في مواجهة الجمهوريين، وهو الآن على يقين أن موقفه الداعم لـ"إسرائيل" سيكون سببا قويا في انتزاع دعم اللوبي الصهيوني أقوى اللوبيات المؤثرة في السياسية الأمريكية واتجاهاتها.
2. السبب الثاني، وهو الأهم، "إسرائيل" تشكل بالنسبة لواشنطن رأس رمح وقاعدة متقدمة في المنطقة، وأداتها الرئيسية لضمان هيمنتها وحماية مصالحها.
ألم يقل بايدن لو لم تكن هناك "إسرائيل" لأخترعناها.. هذه الجملة بالغة الدلالة وعميقة المعنى والمغزى.
أما "إسرائيل".. فلها جملة أسباب لكن أبرزها التالي:
1. تواجه "إسرائيل" منذ أشهر أزمة داخلية سببها رغبة الائتلاف الحاكم اليميني المتطرف الهيمنة على القضاء، وسعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتحصين نفسه ووزراء معه للافلات من السجن على قضايا فساد وغيرها.
وقد أدى هذا الأمر إلى انقسامات حادة داخل مجتمع الكيان تمثلت في خروج عشرات الآلاف للاحتجاج ورفض أي تقييدات للقضاء، لكن الائتلاف الحاكم لم يلتفت لها، وحتى لم يلتفت إلى الاعتراضات الأمريكية بهذا الخصوص، ما يجري الآن فرصة لتصدير الأزمة وربما الخلاص منها.
2. السبب الثاني، وهو الأهم، تمكن المقاومة من توجيه ضربة غير مسبوقة لـ"إسرائيل" وأصابتها في مقتل بعدما عرت وهم القوة التي لا تقهر، وأكذوبة الردع الذي لا يمكن تحديه.
عمليا وواقعيا، هذا الصورة الآن تهشمت وحطمتها المقاومة التي أثبتت أن نمطها العسكري استطاع هزم أقوى جيش في المنطقة.
بل والأهم، أن ضربة المقاومة جاءت تعبيرا دقيقا عن فشل المنظومة الاستخبارية والأمنية والعسكرية وحتى السياسية.. والمتابع لما يجري على ساحة الكيان يدرك حجم التداعي الداخلي على غير صعيد.
ماذا يعني ذلك كله، وما الذي ستؤدي إليه هذه الأسباب؟
هنا، سنبدأ بالمسألة الأساسية، والتي هي أن أمريكا و"إسرائيل" ستفعلان الأفاعيل كي يسترد الكيان هيبته ويعود القوة المرعبة والرادعة والمهيمنة في المنطقة.
ذلك أن بقاء الكيان ضعيفا مهزوزا، بفهم الكيان نفسه وأمريكا، سيخرجه من دائرة التأثير والهيمنة، وسوف يواجه تهديدا وجوديا حقيقيا لا متخيلا.
تأسيسا على هذا، وفي سياق التداعي الإسرائيلي الداخلي، فالمستويات السياسية والعسكرية في أميركا والكيان لن تتراجع عن مخطط تصفية حركة حماس، وفي أقله كتائب القسام وما تملك من قدرات وإمكانات.
وإذا كان هذا السبب مشتركا بين أمريكا و"إسرائيل" لتحقيق استعادة الهيبة، فهو في جانب إضافي منه قناعة المستويات السياسية والعسكرية والاستخبارية في "إسرائيل" انها ستُكنس من مواقعها بعد نهاية الحرب، أو للدقة بعد أن تبدأ وتنهي لجان التحقيق في الفشل الاستخباري والعسكري.
هنا، وهنا تحديدا، أمام أمريكا و"إسرائيل" خيار من اثنين وكل منهما شديد الخطورة:
1. ستحاول المستويات السياسية والعسكرية أن تنهي حياتها المهنية ولو بنصر يسجل في تاريخيها السياسي والعسكري عبر إنهاء حماس وذراعها العسكرية، أي تصفية المقاومة وتسليم غزة لقوى جديدة سواء سلطة رام الله او طرف ثالث " إدارة مؤقتة" عربية.
2. بالتبعية، إذا تمكنت أمريكا و"إسرائيل" من تدمير حماس وذراعها العسكرية، وهذا عمليا مستحيل لان حماس فكرة قبل كل شيء، لكن بالفرض الساقط إذا تمكنت من إنهاء حكمها، فقد تنتقل لمستوى آخر، سيكون له تداعيات غاية في الخطورة وهو تهجير أبناء قطاع غزة إلى سيناء المصرية.
هذا الخيار موجود أصلا في العقلية الإسرائيلية، ويشمل الضفة الغربية أيضا، لذلك قد تجد أمريكا و"إسرائيل" أن الفرصة الآن سانحة لتفريغ القطاع، وبالتزامن أو لاحقا، تفريغ الضفة الغربية باتجاه الأردن.
والمعنى النهائي لذلك كله هو تصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية، وهو النصر الذي ستعود به مستويات القرار السياسي والعسكري للإسرائيليين تعويضا للفشل التام الذي منيت به هذه المستويات على أيدي المقاومة.
إن التحسب لهذه الأحوال، والاحتمالات، أردنيا وفلسطينيا ومصريا، ومن ثم عربيا وإسلاميا، ضرورة ملحة، ولا يجوز بأي حال عدم وضعها على الطاولة أثناء متابعة ما يجري وتداعياته ومآلاته، خصوصا وأن "إسرائيل" لديها غطاء أمريكي وأوروبي غير مسبوق بفجاجته ومستواه، بل هم شركاء في كل الإجرام والإبادة والتطهير الذي يتم في قطاع غزة.
وبظني أن إفشال المشروع التصفوي للقضية الفلسطينية، يقوم على عدة عوامل أبرزها:
1. الصمود الفلسطيني المؤكد على أرض فلسطين، وهذا يتطلب كل أشكال الدعم العربي والإسلامي لتمكين هذا الصمود من المضي إلى الأمام.
2. موقف سياسي ودبلوماسي صارم من الأردن ومصر وخلق جبهة عربية وإسلامية وغربية رافضة للتهجير، ومواصلة الضغط على إنفاذ قرارات الشرعية الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية.
3. تحويل قطاع غزة إلى مقبرة لقوات الاحتلال وإجبارهم على الفرار والانسحاب من القطاع، وبلا أدنى شك أن صمود المقاومة ونجاحها في دحر الدخول البري سيكون الأساس في إحباط المخطط الأمريكي الإسرائيلي.
هذه بعض الأشياء التي يمكن أن تحبط المشروع التصفوي، وتردع العقلية الصهيونية، وأي تراخ في الموقف الذي يجب تصعيده إلى أقصى حد سيكون له أكلافه الكبيرة والمؤلمة لأن تصريحات أمريكا والكيان عن تغيير وجه الشرق الأوسط ليست عبثية..
وللحديث بقية..
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/24 الساعة 11:34