أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

نضال الألوف


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

نضال الألوف

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
أنا أستمع للإذاعات المحلية, واستمعت أمس لأحد المتصلين وقد تبرع لغزة بـ (200) ألف دينار... قفزت المذيعة, وقالت: ما شاء الله.. والمذيع أيضا صفق, وتم مدح الشعب الأردني على كرمه.. ثم تبرعت سيدة أخرى بـ (20) ألفا, ردة الفعل نفسها كانت من المذيع ومن المذيعة...
حسنا... من يملكون المال يستطيعون التبرع, ماذا بالنسبة للذين يملكون رواتبهم فقط؟... ماذا بالنسبة للذين يملكون الدعاء, ويفيقون مع شذرات الفجر الأولى.. ويرفعون الأكف الضارعات الممزوجة بالدمع.. والممزوجة بحديث الرسول: (لك العتبى حتى ترضى)... ماذا بالنسبة للذين يسكنون القرى النائية, ويتمنون لو أنهم في (غزة) الآن.. يحمون ترابها والمصير, وينشدون الشهادة مع كل قذيفة..
ماذا بالنسبة للفقراء في هذا الوطن, والذين يراقبون الشاشات فقط... ولو طلبت منهم أن يسيروا إليها حفاة على أقدامهم, لحملوا أرواحهم وطافوا بالمخيمات هناك.. وقاتلوا بإظافرهم وأسنانهم...
مجتمعات الأغنياء والثراء تستطيع التبرع... ماذا بالنسبة لشيخ المسجد في حارتنا, والذي وضع السواك في فمه, وصلى العشاء.. وأخبرني بأنه نسي الطعام منذ يومين, وأنه صار يشتهي أن يرحل عبر البحر إليها... وأن تكون سويعاته الأخيرة من العمر على رملها.
ماذا بالنسبة لعمال الوطن.. الذين يستظلون تحت الشجر في أحياء عمان الغربية, ويقتنصون لحظة من العمل كي يراقبوا شاشة تلفاز تظهر فيها اثار القصف على غزة, ويميلون الرأس حزنا وعجزا.. ثم يرحلون مع صمتهم ويتركون في المدى شهقة ودمعة..
إن أساس كل تبرع يقوم على الحديث النبوي: (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها, حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)...
غزة تحتاج لمن يخرجون في شوارع هذا العالم ويرفعون صوتهم بالرفض المطلق, تحتاج لمن يعلموا أولادهم أن المعركة لم يهدأ غبارها بعد, وأن أغلى الأماني هي أن تكون مؤمنا بمقولة: (طاب الموت يا عرب)... غزة تحتاج للمبادئ الان.. ولا تحتاج لاستعراض المال وحجمه, تحتاج لمن يقفون معها بالدم.. وليس بذكر حجم التبرعات على الأثير والتصفيق..
غزة لا تحتاج إلى نضال الدولارات, وذكر أسماء المتبرعين... وعرض الأمر في زاوية المزاد العلني ومن يدفع أكثر... هي تحتاج لمزاد في الدم ومن يجرؤ أن يمنح دمه كشربة تروي عطش القضية والتراب..
إذا كان لابد.. فالأصل أن لا تعلم اليد اليمنى عما تنفقه اليسرى, لأن الدم أغلى من المال.. ولأننا نحن الفقراء, في منابر التبرع للاسف لا نملك منافسة ولا قدرة.., لكن حين تحتاج البلد الدم..وحين تحتاج فلسطين له, حتما سنكون أول من يدفع.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ