في أعقاب التعديلات الدستورية الأخيرة لسنة 2022، شهدنا انشاء مجلس للأمن القومي في الأردن، يختص بالشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسية الخارجية.
وعلى الرغم من مضي أكثر من عام على اقراره من الناحية الدستورية والقانونية، يطرح السؤال حول ضرورة تفعيل دور هذا المجلس وتشكيله رسمياً في ظل التحديات الإقليمية والحرب على قطاع غزة.
وبالنظر إلى الأوضاع الإقليمية المضطربة، يبدو أنه أصبح من الضروري أن يخرج مجلس الأمن القومي إلى الواجهة، حيث يمكن أن يكون ذراعاً استراتيجياً مساعداً لصاحب القرار في هذه الأوقات المعقدة والأحداث المتسارعة.
في هذه الأوقات المعقدة والأحداث المتسارعة. فالمشهد العام يشير الى اننا نتجه نحو تغيُرات جيوسياسية ملحوظة في المنطقة، بدأت بعد هجوم كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس في السابع من أكتوبر على المستوطنات المحيطة بغلاف غزة والتي أدت إلى نشوب حرب همجية ووحشية على القطاع، هذا بالإضافة الى الهجمات على القوات الأمريكية المتمركزة في العراق وسوريا وعلى سواحل البحر الأحمر قرب اليمن، بالإضافة الى التوترات المتصاعدة على الحدود اللبنانية الجنوبية.
وبدأت إسرائيل في هذه المرحلة بطرح فكرة تهجير سكان قطاع غزة الى سيناء المصرية، وهو مقترح يلقى رفضاً مصرياً وعربياً، والأمر الأخطر في حال نجاح خطة التهجير إلى سيناء، فإن الخطوة القادمة ستكون تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، وبالتالي ضياع الحلم بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، الأمر الذي يرفضه الأردن شعبياً، وجلالة الملك عبدالله الثاني أوضح أن هذا الطرح يعتبر خطاً أحمراً بالنسبة للأردن، وأكدت عليه أيضاً وزارة الخارجية الأردنية على لسان وزيرها أيمن الصفدي، بأن فكرة نقل سكان الضفة الغربية إلى الأردن سيعتبر تصعيدًا وإعلان حرب.
لذلك، في ضوء هذه التطورات السريعة التي تنذر باندلاع حرب إقليمية، فإن وجود مجلس الأمن القومي -في هذا التوقيت- سيبعث برسائل للداخل والخارج، بأن الأردن مستعدٌ للتعامل مع كل التحديات القائمة والقادمة ضمن استراتيجيات عملٍ واضحه، ضمن الأطر الدستورية والقانونية بكل قوة وعزيمة للحفاظ على أمن واستقرار الأردن أمام هذه التطورات.
ويتألف المجلس الذي صدر له نظامٌ خاص من رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزيري الخارجية والداخلية وقائد الجيش ومديري المخابرات العامة والأمن العام اضافة الى عضوين يعينهما الملك بإرادة ملكية سامية. ويجتمع بدعوة من الملك وبرئاسته أو بحضور من يفوضه، وتكون قرارات المجلس واجبة النفاذ وملزمة للكافة حال مصادقة الملك عليها.