مدار الساعة - كتب: عواد الخلايلة - إنها فوضى برائحة الدماء، وأشلاء الفلسطينيين في غزة. فما الذي يمكن عمله لوقف هذا الشلال اللانهائي من القتل الإسرائيلي لكل شيء في غزة؟أردنياً خريطة الطريق واضحة: حل الدولتين. لكن قبل ذلك يجب وقف بشاعة جرائم الحرب التي يقوم بها الاحتلال في غزة. وقف القتل وفك الحصار وعودة الماء والطاقة إلى القطاع المحاصر. وقف ما لا يمكن تخيله من بشاعة للاحتلال.
أمامنا سيناريوهات كلها علقم. من تدمير غزة على رأس ساكنيها، إلى سيناريو حرب عالمية ثالثة. هذا ما ينتظر القطاع المحاصر حتى من المياه.نحن أمام قتل الاحتلال لمئة طفل يومياً في غزة. هذه هي الإحصاءات الرسمية. نحن أمام قتل إسرائيل لـ16 فلسطينياً في غزة في الساعة. هذه هي الاحصاءات الرسمية. المقاومة تستبسل. تقاتل. حسناً. فمن يوقف سفك دماء مسلمي غزة؟الجهود الدوليّة، منقسمة بين شطرين متشظيين، الأول تقوده الولايات المتحدة ويريد فيها إسرائيل ومعها دول أوروبية مركزية القضاء على حركة حماس، بقتل جميع قادتها. لكن في الطريق نحن أمام ضرورة قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين. هل هذا مسموح؟ هل هذا ما سيجعل المنطقة اكثر أمناً؟ أي واهم يظن ذلك. اسرائيل قالت: اننا أمام حيوانات بشرية يجب قتلهم.وأما الموقف الدولي الثاني فتمثله روسيا والصين وعدد من الدول التي تريد أن تحلّ القضية الفلسطينية وفق القانون الدولي، عبر حل الدولتين، وقبل ذلك وقف سفك الدم الفلسطيني.فما هو المكان السياسي الذي تتموضع فيه السياسة الاردنية إزاء كل هذه الفوضى؟ما أن بدأت الأزمة، شمّر الملك عبدالله الثاني وبدأ العمل. الموقف الاردني يضع إطاراً إنسانياً سياسياً استراتيجياً للمحافظة على القضية الفلسطينية، وضمان عدم مضي الخطط الاسرائيلية الى أهدافها. وأهداف اسرائيل المعلنة: غزة أولاً. ثم الضفة ثانياً ما يعني التهجر والترانسفير، ثم عرب الـ 48 أخيراً.في آخر تصريحات ملكية وضع الملك عبدالله الثاني خطاً أحمر واضحاً جاء فيه: لا يمكن استقبال اللاجئين في الأردن ولا في مصر وهذا خط أحمر.ليس هذا ما يراه الأردن وحسب. الملك حذر أيضاً: المنطقة على شفا السقوط في الهاوية وخطر حقيقي لتوسع الحرب.وهذا التحذير الملكي ليس الأول. منذ سنوات وسنوات والملك يحذر: نحن على أعتاب كارثة.لا نملك معلومات؛ غير أن المشهد اليوم يجعل الأردنيين يقولون للغرب: ألم نقل لكم منذ زمن طويل إن هذا ما سينتظر المنطقة. وإن القادم أخطر.
هنا يمكن التشديد على أن قمة عمّان الرباعية التي سيستضيفها الأردن الاربعاء ويشارك فيها الرئيس الامريكي جو بايدن والرئيسان عبدالفتاح السيسي ومحمود عباس أن تشكل مفترق طرق يجنّب عربة المنطقة طريق الهاوية التي تسلكه.
مثلما يغلي الشارع الأردني والعربي؛ غضباً، على الجرائم على الأهل في غزة، يضع الملك هذا الغضب دبوماسيّاً ويعيد الضمير العالمي إلى رشده.
وبعيداً عن الدبلوماسية؛ وفور عودة الملك من جولة أوروبية هدفت إلى وقف الحرب على قطاع غزة، وتسهيل دخول المساعدات، والتأكيد على موقف الأردن الثابت من القضية الفلسطينية، ترأس جلالته اجتماعا في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد.
الملك أكد بشكل حازم، رفض الأردن بشكل قاطع لأي سيناريو يستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم أو نزوحهم سواء في قطاع غزة أو بالضفة الغربية.ونبّه جلالته في الاجتماع، الذي حضره رئيس الوزراء، ورئيسا مجلسي الأعيان والنواب، ووزير الداخلية، ورئيس هيئة الأركان المشتركة ومديرا المخابرات العامة والأمن العام، إلى أن الأردن سيحمي حدوده وسيدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه بكل إمكانياته قائلا "لن نسمح بموجات لجوء جديدة".
إن أحلام يقظة الاحتلال بأن ينهي حق شعب بأكمله في الحلم بدولة، فستلقي بالمنطقة إلى الجحيم. أما إنهاء "المقاومة"، فيجيب عليه السؤال التالي: هل انتهى الاحتلال المقاومة منذ عام 1948م، حتى ينجح في انهاءها اليوم؟ هل كانت المقاومة منذ توقيع معاهدة اوسلو أضعف أم أقوى؟ كانت أضعف. لكن طيش الاحتلال لا يرى أيّاً من ذلك. الاحتلال ماضٍ في غيه. اليوم بات الاحتلال يعتبر دعوات حل الدولتين معاداة للسامية. أليس هذا ما وصفت به الحكومة الاسبانية التي طالبت بحل الدولتين الاثنين، فانفجرت السفارة الاسرائيلية في مدريد غضباً قائلة: في بيانها إن التصريحات التي أدلى بها "أعضاء في الحكومة، ليست فحسب غير أخلاقية على الإطلاق، وإنما تعرض أيضا الجاليات اليهودية في إسبانيا للخطر"، مشيرة إلى أنها تزيد مخاطر تعرض هذه الجاليات لـ"حوادث وهجمات معادية للسامية".