فشلت جلسة مجلس الأمن بشأن الوضع فى الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية، وهى المرحلة التى تعد حاسمة فى الأمم المتحدة، وتدل على الخلافات وتباين النزاعات والأزمات فى المجتمع الدولى.
عدم إقرار أى صيغة لتمرير المقترح/ القرار الذي تبنته روسيا ومجموعة من الدول العربية والإسلامية، ألقى الضوء على مجريات الحرب في غزة، والتي تقود المنطقة نحو اضطراب جيو سياسى وأمنى وإنسانى، بالذات بعد أن تم تهجير ونزوح أكثر من مليون شخص من منازلهم فى قطاع غزة قبل الغزو الإسرائيلى المتوقع، الذى يسعى للقضاء على قيادة المقاومة الفلسطينية وتنظيم حماس، بعد توغلها فى مستوطنات غلاف غزة.
عمليًا، ومع دخول الحرب الأسبوع الثاني، حذرت منظمات وهيئات وجماعات الإغاثة الدولية والعربية من أن أى هجوم بري إسرائيلى قد يعجل بحدوث أزمة وكوارث إنسانية تترك آثارها على كل المنطقة والعالم، فى ظل أزمات اقتصادية وأمنية وبيئية وحروب.
والحرب، عمليًا؛ والتى بدأت فى 7 أكتوبر هى الأكثر دموية من بين خمس حروب فى غزة لكلا الجانبين، حيث أسفرت عن مقتل أكثر من 4000 شخص.
*مشاورات عقيمة
مصادر في الأمم المتحدة قالت إنه: بعد مشاورات مغلقة حول مشروعى قرارين متنافسين قدمتهما روسيا والبرازيل بشأن تصاعد العنف فى إسرائيل وغزة، عاد أعضاء مجلس الأمن إلى قاعة المجلس للإدلاء بأصواتهم وكلماتهم.
وإنه صوّت أعضاء المجلس على مشروع القرار المقدم من روسيا وعدد من الدول العربية.
وفى النتيجة القيمة: حصل مشروع القرار على تأييد 5 أعضاء، ومعارضة 4 منها الولايات المتحدة الأمريكية، وامتناع 6 عن التصويت.
بالتالى لم يُعتمد المشروع لعدم حصوله على الأغلبية المطلوبة بين أعضاء المجلس الخمسة عشر.
*الدول التى دعمت القرار الروسى
.. فى المحصلة، أفرز التصويت، من بين الدول الداعمة لمشروع القرار الروسي: البحرين، جيبوتي، مصر، الأردن، الكويت، لبنان، موريتانيا، عُمان، قطر، المملكة العربية السعودية، السودان، دولة الإمارات العربية المتحدة، اليمن، وتركيا.
*مندوب روسيا: المجلس.. رهينة
مصادر من داخل الجلسة أشارت إلى أنه بعد التصويت، أعرب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير فاسيلى نيبينزيا، عن أسفه "لأن المجلس ظل رهينة أنانية الوفود الغربية، وهذا هو السبب الذى يفسر عجزنا عن توجيه رسالة صريحة بشأن التهدئة فى وقت نشهد فيه اشتعالًا غير مسبوق فى العقود الأخيرة"، معتبرًا أن التصويت فى مجلس الأمن "يبين من يعارض الهدنة ووقف إطلاق النار وانتهاء العنف فى قطاع غزة وتقديم المساعدة الإنسانية للسكان هناك، ومن يعترض على توجيه رسالة من المجلس، بهدف تحقيق مآرب سياسية".
*مندوبة الولايات المتحدة: مسئولية مجلس الأمن والمجتمع الدولى
من جهتها، قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، بعد جلسة التصويت، إن: "المدنيين لا يفترض أن يعانوا بسبب ما تقترفه حماس من فظائع"، بحسب نص تصريحاتها.
وقالت إن: "مجلس الأمن والمجتمع الدولى بأسره يتحملان المسئولية عن معالجة هذه الأزمة الإنسانية، وأن ينددا بحماس، وأن يعترفا بالحق الأصيل لإسرائيل (...) فى الدفاع عن نفسها وفقًا لميثاق الأمم المتحدة".
واعتبرت المندوبة الأمريكية بأسف "أن مشروع القرار الروسي الذى تم تقديمه اليوم لا يستوفى كل هذه الشروط ولا يرقى لكل هذه المسئوليات"، على حد تعبيرها.
*مندوبة الإمارات العربية: غزة تخضع للحصار دون توفر الغذاء والمياه
وكانت السفيرة لانا نسيبة، الممثلة الدائمة للإمارات العربية المتحدة، لدى الأمم المتحدة، قالت بعد أن صوتت لصالح مشروع القرار إن: "المدنيين فى غزة يواجهون اليوم حربًا هوجاء دون أى ملاذ آمن يلجأون إليه".
نسيبة لفتت إلى أن غزة تخضع للحصار دون توفر الغذاء والمياه والأدوية واللوازم الطبية والكهرباء، ذلك أن مليونى شخص يعتمدون على خط إمداد واحد فقط للمياه، فيما توقفت محطة توليد الكهرباء بسبب نقص الوقود. ودعت السفيرة الإماراتية المجتمع الدولى إلى أن يقر بأن "إجلاء أكثر من مليون شخص- ممن ليس لهم ملاذ آمن ولا يملكون المساعدة- هو طلب غير مشروع ولا يمكن أن يتحقق".
ودعت نسيبة مجلس الأمن إلى أن يتحرك ولا يكتفى بالبيانات، بهدف حماية جميع المدنيين وتقديم المساعدة الإنسانية بشكل آمن، ولإطلاق سراح الرهائن بدون قيد أو شرط، مع ضرورة ضمان أمن وسلامة العاملين فى المجال الإنسانى. ووصفت الدعوة إلى وقف إطلاق النار بأنها أمر أساسى.
كما أشارت المندوبة الإماراتية إلى أن بلادها صوتت لصالح مشروع القرار الروسى، لأنه "يستجيب لكل الاحتياجات الإنسانية المحددة التى ذكرتها".
*الوضع فى الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية
ملخصات مجريات الجلسة، بحسب مصادر الأمم المتحدة، قالت إنه قبل المشاورات المغلقة، افتتحت جلسة المجلس حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية، وبعد دقائق من بدئها تم تعليقها بناء على اقتراح السفيرة لانا نسيبة، الممثلة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة، ليعقد الأعضاء مشاورات مغلقة لبحث مسودتى القرارين.
وفي مداولات مناقشات خارج قاعة المجلس، تناول أعضاء الدول والوفود الدعوة التي تبنتها جمهورية مصر العربية باتجاه عقد قمة عالمية/ دولية عاجلة بشأن الوضع فى قطاع غزة، السبت المقبل.
*تداعيات القمة المصرية
الجهود الدبلوماسية والسياسية الأمنية العربية، وبالذات من مصر والأردن ودول الخليج العربي، وعديد دول العالم، تعزز بالدعوة المصرية، رسميًا، وقد توثقت عبر بيان بعد اجتماع سياسي أمني عقده مجلس الأمن القومى المصرى، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأحد، بهدف تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية.
البيان لفت إلى أن مصر "تواصل الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين".
سياسيًا ودبلوماسيًا، التوقعات تشير إلى مشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن فى القمة بمصر، وفى مدى استجابة الأطراف والدول المرشحة لحضور القمة حتى الآن، برزت أسماء منها: تركيا وقطر ومصر والأردن، بالإضافة إلى وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن.
لوجستيًا وسياسيًا، وأمنيًا، تجري القاهرة اتصالات لإشراك الأطراف المعنية كافة؛ حيث جرت دعوة كل من أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، والرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون.
.. فى التوقعات الأممية ومسارات دبلوماسية المجتمع المدنى، ونتيجة خطورة الحرب فى غزة، وكارثة تهجير ونزوح الفلسطينيين من قطاع غزة، وشراسة مخططات الحرب الإسرائيلية المتطرفة، تأتى القمة المصرية تتويجًا لمشوار بعيد المدى من جهود منع التصعيد وحماية المدنيين وكبح جماح ويلات الحرب، وسبل عودة الاستقرار والأمان.