مدار الساعة - وجَّهت السلطات في العاصمة الألمانية برلين، ضربةً موجعةً لواحدة ممن تدعوها السلطات ووسائل الإعلام الألمانية بـ»العشائر العربية» المنخرطة في الجريمة المنظمة منذ سنوات طويلة.
وأعلنت النيابة العامة في مؤتمر صحافي، يوم الخميس 19 يوليو/ تموز، مصادرة 77 عقاراً، تصل قيمتها إلى نحو 10 ملايين يورو، في إطار «استرداد العقارات» قانونياً، ووضعها تحت الوصاية القضائية.
ونسبت النيابة العامة ومكتب التحقيقات الجنائي في برلين العقارات إلى عائلة لم يكشف عن اسمها، واكتُفي بالإشارة لها بالرمز «ر»، وتعود إلى لبنان، وتحقق ضد 16 شخصاً، بتهمة غسيل الأموال.
وتتضمن العقارات المصادرة منازل وشققاً وأراضي، تعتقد النيابة أنه تم شراؤها عبر المال الذي حصل عليه المشتبه بهم من ارتكاب الجرائم.
وتمكَّنت السلطات من مصادرة العقارات حتى إتمام النظر في كيفية شرائها، وإمكانية سحبها ونقل ملكيتها للدولة، بفضل إصلاح «استرداد العقارات» في القانون الجنائي، الذي دخل حيز التنفيذ في صيف العام الماضي، الذي يُؤمل منه المكافحة الناجحة للجريمة المنظمة.
وبات بإمكان الحكومة مصادرة العقار، عندما يكون مصدر شرائه مجهولاً، حتى في حال عدم قدرتها على إثبات أن المال مصدره جريمة بعينها، الأمر الذي تطبقه إيطاليا في مكافحة المافيا.
واعتبر أندرياس غايزل، وزير داخلية ولاية برلين، أن دولة القانون أظهرت مجدداً قوتها، وأنهم يضربون المجرمين في المكان الذي يؤلمهم حقاً، عبر المال والممتلكات.
وبين بينديكس لوكس، المتحدث باسم حزب الخضر لشؤون السياسة الداخلية في برلين، أنه كان يتوجب على الدولة سابقاً إثبات أن المال أو العقارات مصدرها أعمال إجرامية لتستطيع مصادرتها، لكن الآن يتوجب على المنتمين لعائلة كبيرة (عشيرة)، أو أصحاب السوابق، إثبات أنهم جنوا هذا المال بطريقة قانونية، لذا سيكون من السهل مستقبلاً على الدولة مصادرة العقارات أو الأموال.
المصادرة جاءت بعد تحقيقات مستمرة منذ أعوام
وقال رئيس النيابة العامة راوباخ للتلفزيون المذكور، إن التحقيقات بدأت منذ عام 2014. وجاء ذلك بعد السطو على فرع لبنك «شباركاسه» في حي تيمبلهوف-شونيبرغ، حيث سرق الجناة الثلاثة، وهم من أعضاء «العشيرة»، منه قرابة 10 ملايين يورو.
ورغم إدانة أحد الرجال الثلاثة، إلا أن المال المنهوب اختفى، ولم تسترده السلطات. وانتبه المحققون إلى أن أحد أقارب الشخص المُدان اشترى شققاً وأراضي في ولايتي برلين وبراندنبورغ، رغم أنه يعيش على أموال معونات البطالة.
وأوضحت النيابة أن العديد من العقارات تم شراؤها من قبل أشخاص في لبنان، يُفترض أنها اشتروها لصالح العائلة الكبيرة «ر».
ولم يتم القبض على أحد من المشتبه بهم لعدم استيفاء الشروط اللازمة لوضعهم في الحبس الاحترازي، بحسب النيابة. ودفع واحد من المشتبه بهم على الأقل باعتراض على الحجز.
وذكر موقع صحيفة «بيلد» أن التحقيقات ما زالت في بدايتها، وقد يستغرق الادعاء والمحاكمة وحصول الدولة على العقارات بشكل نهائي أعواماً.
وكانت العملة المسمَّاة «ورقة القيقب الكبرى«، المطبوعة صورة الملكة إليزابيث الثانية عليها، قد صُنعت في كندا من الذهب النقي، وتوجد 6 نماذج فقط منها في العالم، وتصل قيمتها إلى 3.75 مليون يورو.
ولا يعتقد المحققون أنهم سيستطيعون العثور على العملة الذهبية كما كانت، وسط توقعات بأنها قد تم تقطيعها لمحو أثرها وبيعها، حيث عُثر خلال مداهمات للشرطة قبل عام على «بودرة ذهب».
وتعتبر قضية «ورقة القيقب الكبرى» جزءاً من التحقيقات الحالية.
وقال عيسى الذي يعيش مع زوجته وأولاده الـ13 في برلين، إن عمله يقتصر على قطاعي البناء والمطاعم. وأضاف للصحيفة أن العديد من أفراد عائلته موجودون في السجن، لذا يُذكر اسمه، زاعماً أنه لم يسبق له أن سُجن.
وتنقل عن تحقيق موسَّع أجرته صحيفة «تزايت» الأسبوعية مؤخراً عن العائلة، أنها تنتمي للمجموعة الإثنية «المحلمية»، الذين نزحوا من تركيا إلى لبنان، وعاشوا هناك معدمي الجنسية على هامش المجتمع، وفرَّ عدة إخوة من العائلة من الحرب اللبنانية إلى برلين.
ولم يحصل أفراد العائلة المولودون في لبنان على إذن عمل في برلين، لعدم حصولهم على لجوء سياسي، بل إقامة تسامح بالبقاء، فتوجَّه البعض منهم للعمل بشكل غير قانوني «بالأسود»، وعاشت غالبيتهم من المساعدات الاجتماعية، وبدأ آخرون منهم ممارسة أنشطة إجرامية.