مقاطعة السلع والخدمات الواردة او المقدمة من دول تدعم العدوان الاسرائيلي على غزة مشروعة فهي سلاح لا شك انه يبعث برسالة معنوية واقتصادية عنوانها الاحتجاج لكنه لن يغير من مواقف تلك الدول.
ثمة فرق كبير بين مقاطعة سلع مستورة بالكامل من تلك الدول ومقاطعة سلع منتجة محليا بموادها الاولية ومن الموارد الوطنية لمجرد انها تحمل علامة اجنبية، بذلك تكون كمن يطلق النار على قدمه وهو لا يقدم خدمة للقضية الوطنية بقدر ما يضر بالاقتصاد الاردني خصوصا اذا كانت العمالة في هذه الشركات والمصانع والمطاعم والفنادق اردنية ١٠٠٪.
لو كنت مكان اصوات حملات المقاطعة لتريثت في إطلاقها حتى يتسنى التمييز بين منتجات وطنية تحمل علامات تجارية اجنبية وبين سلع اجنبية بالكامل.
لطالما دعونا الى تفضيل المنتج الوطني ولطالما دعونا ايضا الى التفريق بين المنتج الوطني المتسلح بتكنولوجيا عالمية او ذلك الذي يحمل علامة تجارية اجنبية لا علاقة له بها سوى الاسم حتى لا يختلط الحابل بالنابل ونجد اننا لا نقاطع الا انفسنا.
بالرغم من كل مشاعر الغضب والحزن الا اننا يجب ان نتحرى الواقعية الاقتصادية وأن لا تكون متعجلين في تقديم الاثارة والتعاطف على المصالح الوطنية والاقتصادية التي تمثلها شركات اردنية ووطنية ادارة عمالة لمجرد ان لافتة ماركاتها او عناوينها اجنبية.
ليس لدينا جمعية أو جمعيات حماية مستهلك قوية مهابة الجانب يحسب التجار لها ألف حساب ويأخذ المسؤول برأيها قبل إتخاذ أي قرار ذي طبيعة استهلاكية ولو كان كذلك لمارين دور التوعية والتفريق بين ما هو وطني وما هو غير ذلك وبين ما يخدم قضايانا وبين ما يضر اقتصادنا وبعض شركاتنا اي تميز الغث من السمين ولقادت هي هذه المهمة الوطنية ما دام الهدف هو ارسال رسائل التضامن والتأثير.
أكثر من حملة مقاطعة جربت لم تبلغ أهدافها لانها عشوائية وغير منظمة ولانها فوضوية لا تميز بين ما يمكن ان يصب في خدمة الاقتصاد وبين هدف ايصال الرسالة منها.
لا نقول هنا أن على المجتمع ان لا يمارس دوره في مثل هذه الاوقات العصيبة في ابسط اشكال الدعم لكننا نقول ان مثل هذه الحملات يجب ان تكون منظمة وراشدة اذا كانت تريد تحقيق اهدافها.
في الاردن اكثر من ٨٠٪ من المنتجات تحمل علامات تجارية اجنبية خصوصا اميركية واوروبية لكنها لا تمت بصلة الى تلك الدول سواء بالموارد او بالمواد الاولية او بمدخلات الانتاج ولا بالمنتج نفسه فهل من الصواب قذفها بالعمالة والخيانة لمجرد اسمها فقط.
المقاطعة التي لا تميز بين ما هو وطني بمعنى محلي الانتاج وما هو ليس كذلك تنطوي على مبالغة ضارة بالسوق وبمئات وآلاف الايدي العاملة الاردنية التي تستفيد من هذه الاستثمارات التي كلفت مئات الملايين من الدنانير.
الشيء بالشيء يذكر فان ضعف مؤسسات المجتمع المدني في التأثير بدرجة كافية فيما يتعلق بشؤون المستهلك، مع الاحترام لأدوارها سببه ضعف الأدوات ووسائل الإقناع.