أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

الاردني الاخرس يرثي ابنته حنين

مدار الساعة,وفيات اليوم في الأردن
مدار الساعة ـ
حجم الخط
مدار الساعة - رثى محمد الأخرس ابنته حنين التي انتقلت إلى رحمة الله تعالى.
وقال الاخرس
حنين؛ في العاشر من أكتوبر، سبعمائة وثلاثون يوماً على الوداع
صغيرتي، هل حقاً كانتا مجرد سنتين، أم أنه دهر بحاله مر فوق عيني وعيني والدتك منذ رحيلك، دهرٌ مغمس بالوجع والأنين والرماد، فمذ رحلت بنيتي لم تعد الأيام كما كانت، ولم يعد وزن الوقت كما اختبرناه طوال أعمارنا، فقد صار الوقت يمر ثقيلاً على نفوسنا، فصارت الساعة شهراً والشهر سنةً والسنة دهراً كاملاً، وتغير كل شيء، وأعلنت كل الأشياء تمردها، وبدلت طعمها وألوانها وروائحها، وتلحفت بثوب الوجع، نعم يا حنين، فقد تغير طعم الأشياء، كل الأشياء، ولست أدري هل الأشياء هي التي تغيرت حقاً، أم أن العلقم الذي ملأ عمرينا وغطى صدورنا قد سبغ كل ما حولنا بلون الرحيل والسواد والوداع، وملأها بطعم الدموع والوحدة والغربة!!
فحين غبتِ عنا، غاب كل طعم للحلاوة في حياتنا، فلم يعد لصوت الطيور في الصباح أي لحن، ولم تعد تلفتنا رقصات الفراشات الملونة، وصار طعم السكر مالحاً، ولون الورد باهتاً، وحتى الياسمين ذوى في غيابك ونَكَّسَ أزهاره حزناً على فراقك وكَمَداً في غيابكِ، نعم يا ابنتي، فحين ندلف الي حجرتك، نرى طيفك ماثلاً أمامنا ملوحاً بيده يودعنا، وننظر إلى ملابسكِ وكتبكِ فنلفاها خاوية من كل فرح، خاليةً منكِ، تتصنع الابتسام بينما تصرخ ألماً، وحتى جدران حجرتك نراها تنظر يميناً ويساراً باحثةً عن رائحة عطرك، ونغمات صوتك، ثم لا ألبث أنا وأمك وكل الأشياء أن نحتضن بعضنا ونبكي بصمت غيابك الموجع ورحيلك القاتل.
رحلت عنا يا حنين الوتين، رحلتِ مبكراً جداً، قبل الشروق، وقبل تفتح الازهار والرياحين، ولم يتسنى لنا توديعك، فحتى في أسوأ كوابيسنا، لم يكن يخطر لنا أنَّ كل نظرةٍ فرح منكِ كانت مصافحة غياب، وكل عناقٍ كان مقدمةً للسفر، وكل حضن غمرتنا بهِ كان محاولةً يائسةً لمنحنا آخر ما تمتلكين من حياة.
أوتعلمين بنيتي، أوتعلمين أدور في أرجاء البيت باحثاً عنكِ، أُنصت خاشعاً لعل قلبي يتعثر بصدى ضحكة من ضحكاتك، أو تصادف عيناي رائحة مروركِ، نعم، ما زلت لا أستطيع أن أصدق غيابكِ، وما يزال قلبي يتلفت في الزوايا والأركان مشتاقاً إلى صدفة تجمعه بك، وذراعي تناجيان الله كل لحظة أملاً في لمسة حانيةٍ من يدك.
أتعلمين ما هو عزائي الوحيد يا ملاكي الطيب، عزائي فقط أنني أعلم أنكِ الآن تطيرين مثل طيور السنونو في ملكوت الخالق، حورية من حواري جنات النعيم، وأنك بالتأكيد في مكان أجمل بكثير من هذا الذي أعيش فيه أنا، ولذا صدقيني، فأنا أغبطكِ وأشتاقك في ذات اللحظة، وأعلم يقيناً أن الله سيجمعني بكِ يوماً في الفردوس الأعلى، ويكتب لقاءنا من جديد.
أي بنيتي، أستودع روحكِ الله الذي لا تضيع ودائعه في الدنيا والآخرة، وأدعو لكِ بالرحمة والمغفرة، وأن يعوض الله قلبي شيئاً من غيابك، وأنا أعلم أن غيابكِ لا يمكن أن يعوضه شيء سوى لقائي بكِ حين يكتب الله لقاءنا في جنات النعيم.
سلام الله على روحك يا ابنتي، وسلام الله على قلبك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والدكِ المحب المشتاق لعطر حضوركِ: محمد الأخرس ووالدتك الظمأى لصدى صوتك وأحضانك الحبيبة.
مدار الساعة ـ