لم ينبت أحد ببنت شفة على المستوى الدولي عندما كان الجيش الاسرائيلي والمستوطنون يستبيحون المقدسات ويسحلون النساء في الشوارع ويقتلون الشبان صباح مساء، لكن هذا المجتمع الدولي ذاته هب هبة رجل واحد لمجرد أن بدأ المستضعفون بالدفاع عن أنفسهم ضد آلات القتل والتشريد والتهجير وهدم المنازل وقتل الاطفال والشيوخ والنساء.
٧٠ عاما من الحرمان وهنا اختطف ذات المصطلح الذي استخدمه الملك عبدالله الثاني غير مرة وقد آن الاوان للشعب الفلسطيني المحروم من كل الحقوق ان يأخذ حقوقه المشروعة في دولة حرة ناجزة عاصمتها القدس وزوال آخر احتلال يشهده العصر الحديث.
مع كل عبارات التعاطف مع الإنسان في مواجهة آلة الحرب في كل مكان ونحن من اكتوى ولا يزال بها إلا أنه يحق لنا أن نرصد هنا علامات موجودة لكنها مخبأة للوجه القبيح لازدواجية المعايير والعنصرية السافرة الساكنة في أعماق المحتملة اللاعبين الكبار في المجتمع الدولي التي طفحنا منها شعارات حقوق الانسان والتي منحتها حق التدخل في سياسات الدول بالتنديد مرة والتدخل العسكري مرات تحت هذه الحجة التي كشفت القضية الفلسطينية منذ وقت كم هي هشة وكاذبة.
وكنا نظن أن بعض الممارسات في ازدواجية المعايير نحو الشعب الفلسطيني والعرب عموما هو سلوك القوي لكنه ليس كذلك اذ يختبيء هذا القوي خلف شعارات حقوق الشعوب بالحرية والديمقراطية فيما ينتقي على هواه العبارات مزدوجة المعايير التي تسلب حقا لمن يستحق وتمنح حقا لمن لا يستحق لكنها ليست كذلك إذ أن هذه الازدواجية التي اعتدنا عليها تختبئ خلف المبادئ الاساسية حتى داهمنا هذا السلوك من دول وحكومات بذات الصيغة البشعة.
لا شك أن تعامل القوى الكبرى الراعية حتى الثمالة لاسرائيل وتطلق يدها منذ اكثر من سبعة عقود ولا تزال في استباحة الحقوق العربية وممارسة ابشع اشكال الكذب والدعاية الكاذبة في شأن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والعربي الاسرائيلي. وينعت كل من يطالب بحقوقه المشروعة في اي بلد من بلدان الشرق الاوسط وآسيا وافريقيا بالارهاب، بينما تمنح حق القتل والتشريد واستباحة المقدسات الاسلامية والمسيحية لمحتل لا يأبه بالقوانين الدولية ولا بمبادئ العدالة وحقوق الطفل والشيخ والمرأة، هذا كله يتحول إلى خطاب عدائي بعيون المجتمع الدولي عن?ما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية والقدس.
ليس هذا فحسب بل أن السياسة الإعلامية لتلك الدول تمارس كل أشكال قلب الحقائق بمنتهى العنصرية عندما تطلق الفضاء بشتى الأوصاف لشعب لا يطلب إلا حريته.
كيف يقبل المجتمع الدولي ان يكيل بمكيالين عندما يصطف مثل جدار صلب خلف حق اوكرانيا بالدفاع عن نفسها وحريتها وحقها في الحياة بينما تستنكر ذلك على الشعب الفلسطيني.
هذا العالم يعرف تماما الحقائق لكنه يدير لها ظهره عندما يتعلق الامر بالعرب المتخلفين الغائبين عن عالم الاسياد، وكأن عليهم أن يبقوا في صالات انتظار النعم.
إنَّ مقارنة غزو أوكرانيا بالاحتلال الاسرائيلي غير ممكنة، لأنَّ حرب أوكرانيا «أكثر تحضراً، وشعبها أوروبي».. «أوكرانيا متحضرة نسبياً وأوروبية، لكن الفلسطينيين ومن خلفهم العرب هم إرهابيون.
هذه المواقف لم تكشف عن وجهها اليوم فهي قد بدأت منذ قيام دولة الاحتلال.
سيحتاج العالم حيال ما يجري لمراجعة جوهرية لازدواجية مفاهيم حقوق الإنسان العالمية بازالة القناع التي يبدو انها تخصها وحدها وهي اكبر من ان تنحصر في مفهوم الانتقائية الى سياسة ومبادئ اصيلة في الثقافة والسلوك.
سنكون حالمين أكثر من اللازم إن طالبنا ان تتحول المواقف والنظر إلى سفك دماء الاطفال والشيوخ والنساء واستباحة المقدسات، وسنكون أكثر من حالمين إن كنا نتوقع إدانة الإرهاب الإسرائيلي لكننا سنكون واقعيين ونطالب بالتوازن في المواقف وفي التقييم.