مدار الساعة - في اليوم الثاني للهجوم المفاجئ الذي شنه مسلحون من حركة حماس، اخترقوا الحواجز المحيطة بقطاع غزة وتجولوا بحرية في بلدات إسرائيلية، بدأ قادة الدفاع الإسرائيليون يواجهون تساؤلات عصيبة ومتزايدة حول كيفية تنفيذ مثل هذا الهجوم الكارثي.
فبعد يوم واحد من إحياء الذكرى الخمسين لبدء حرب عام1973، عندما أُخذت القوات الإسرائيلية على حين غرة بطوابير الدبابات السورية والمصرية، بدا وكأن الجيش فوجئ مرة أخرى بهجوم مباغت لم يكن متوقعا.
وفي السياق، قال الجنرال المتقاعد جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي "يبدو الأمر مشابها تماما لما حدث في ذلك الوقت".
كما أضاف في إفادة صحافية "يمكننا أن نرى أن إسرائيل فوجئت تماما بهجوم منسق بشكل جيد جدا".
أتت تلك المفاجأة على الرغم من أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية أولت اهتماماً كبيراً وتركيزاً مشدداً على قدراتها الأمنية، واتخذت موقفاً متطرفاً تجاه الفصائل الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حماس التي تدير قطاع غزة منذ 2007.
فشل أمني
إلا أنه عندما جاء الاختبار الحقيقي، بدا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تنهار.
فقد تمكن مسلحو حماس بسهولة من اختراق السياج الأمني وانتشروا في المدن والبلدات والمستوطنات المجاورة لقطاع غزة.
وفي السياق، رأى جوناثان بانيكوف - النائب السابق لمسؤول المخابرات الوطنية لشؤون الشرق الأوسط في الحكومة الأميركية، والذي يعمل الآن في المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية - أن ما حدث " إخفاق للمخابرات، ولا يمكن أن يكون سوى ذلك".
كما أكد أنه "فشل أمني، قوّض ما كان يُعتقد أنه نهج عدواني وناجح على كل المستويات من إسرائيل تجاه غزة".
منسق بدقة
من جهته، رأى إيال جولاتا، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، أن مقاتلي حماس كانوا "يخططون لهذا منذ فترة طويلة...".
وقال "من الواضح أن الهجوم كان منسقا بعناية، وللأسف تمكنوا من مفاجأتنا تكتيكيا والتسبب في أضرار مروعة"، وفق ما نقلت رويترز.
أما بالنسبة للمواطنين الإسرائيليين، فقد شكلت صور الجثث الملقاة في الشوارع أو مجموعات من المدنيين يجري اقتيادهم إلى الأسر في غزة صدمة عميقة.
ولطالما اعتبرت إسرائيل حماس عدوا لدودا، واغتالت العديد من قياداتها في الداخل والخارج.
لكن منذ أن ألحقت قواتها أضرارا جسيمة بقطاع غزة في حرب استمرت عشرة أيام عام 2021، اعتمدت إسرائيل مزيجا من سياسات العصا والجزرة للحفاظ على الاستقرار في القطاع المحاصر.
وعرضت حوافز اقتصادية بما في ذلك آلاف تصاريح العمل التي تسمح لسكان من القطاع بالعمل في إسرائيل أو الضفة الغربية المحتلة، مع الحفاظ على حصار محكم وتهديد مستمر بشن غارات جوية.
إلا أن الهدوء النسبي ساد القطاع على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية، فيما احتدام العنف في أنحاء الضفة الغربية، باستثناءاشتباكات متفرقة عبر الحدود شاركت فيها بشكل رئيسي حركة الجهاد الإسلامي الأصغر حجما، وظلت حماس على الحياد إلى حد كبير.
قبل أن تتفجر المفاجأة يوم السبت المنصرم.العربية