لن يكون العام المقبل عاماً سهلاً على الاقتصاد الأردني، فالكثير من التحديات ستستمر بكل تفاصيلها في المشهد العام، متأثرًا بمجموعة من العوامل التي تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني، منها ما هو محلي وآخر إقليمي ودولي.
من المتوقع أن تواجه المملكة عددا من التحديات الاقتصادية في عام 2024، ومن بين هذه التحديات التوظيف، المرتبط أساسًا بقدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل جديدة، والمعروف أن معدلات البطالة المرتفعة (22 %) تشكل واحدة من أكبر التحديات التي تقلق صانع القرار في الأردن، خصوصًا البطالة في صفوف الشباب، مما يتطلب توفير فرص عمل أكثر لتلبية الطلب المتزايد على العمل، ولن يكون هذا إلا من خلال دفع عجلة الاستثمار وتوسيع القاعدة الإنتاجية في البلاد وجذب مستثمرين جدد.
وهنا يجب على الحكومات السعي لتحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام في عام 2024، الأمر الذي يتطلب تحسين بيئة الأعمال، وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، وإزالة كافة العقبات التي تحول دون الوصول إلى معدلات نمو مستدامة خارج الإطار التقليدي الذي تحقق فيه خلال السنوات العشر الماضية.
أما الدين العام بخدمته السنوية، فهو يعد كبيراً، ويصل إلى حوالي 1.6 مليار دينار، وبإجمالي دين اقترب من حاجز الـ40 مليار دينار، أو ما نسبته 115 % من الناتج المحلي الإجمالي، والحقيقة هي أن الحكومة الأردنية تواجه تحديا كبيرا في إدارة الدين العام وتوفير الأموال اللازمة لتمويل النفقات الحكومية ومشاريع التنمية، وقد يكون الدعم السياسي الدولي الذي توفر للمملكة خلال السنوات الماضية، وفر مساحات مالية جديدة للاقتراض، إضافة لعلاقة إيجابية مع المانحين والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي.
الفقر والبطالة هما قضيتان مزمنتان في المشهد الاقتصادي، ويمكن القول إن ما تمّ في هذا الملف يبدو أشبه بإدارة الأمور أكثر من إيجاد حلول اقتصادية ناجعة، والدليل على ذلك تنامي معدلات الفقر لأكثر من 28 %، ومن المتوقع أن يكون لهذه القضية تأثير كبير على الاقتصاد، مما يتطلب حلولًا فعالة لتعزيز التنمية الاجتماعية وتوفير فرص العمل.
لمواجهة هذه التحديات، يجب على الحكومة اتخاذ إجراءات نشطة ومنظمة، بما في ذلك تحسين مناخ الاستثمار، وتطوير البنية التحتية، وتشجيع ريادة الأعمال والابتكار، وتعزيز التعليم والتدريب المهني، وتنمية وتنويع القطاعات الاقتصادية.
تعزيز الاستثمار الوسيلة الأكثر نجاعة لمواجهة التحديات السابقة، وهنا ينبغي تحسين مناخ الاستثمار في الأردن من خلال تبسيط الإجراءات وتوفير الحوافز للمستثمرين الوطنيين والأجانب، لأنه سيساهم ذلك في زيادة فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي.
الحكومة مطالبة بتنويع الاقتصاد الأردني وتطوير قطاعات جديدة مثل الطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسياحة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى توفير فرص العمل وتعزيز تنافسية الاقتصاد، مع عملية ممنهجة لتعزيز التعليم والتدريب المهني لتأهيل الشباب بالمهارات المطلوبة في سوق العمل وتوجيه التعليم العالي نحو تلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة.
تنمية التجارة الخارجية من خلال تشجيع التصدير وتوسيع قاعدة الصادرات وسيلة مهمة لتعزيز قدرة الاقتصاد نحو الاستقرار مع تحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات.
توفير الإجراءات المذكورة أعلاه يتطلب جهودًا متكاملة من الحكومة والمؤسسات المعنية والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتوفير فرص عمل للمواطنين الأردنيين.