عطفا وردا على مقال معالي سميح المعايطة الذي نشر مؤخرا تحت عنوان وزارة انتهى دورها، والمقصود بها وزارة الشؤون السياسيه والبرلمانية، حيث يشير الكاتب أن دور الوزارة انتهى ولم يعد الحاجة لها في ضوء التحديث الإداري الجديد الذي تعمل عليه الحكومة حاليا ، وذلك بالنظر أن الوزارة لم يعد لديها ملفات رئيسة تعمل بها ، وتتولاها ضمن مهام الوزارة، وذلك بعد نقل ملف الأحزاب السياسية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب ، وأن مهام التوعية السياسية تقوم به الآن الهيئة المستقلة للانتخاب ، بالإضافة إلى العديد من مؤسسات المجتمع المدني.
وبناء على ما تقدم أقول لمعاليه أن الوزارة عندما أنشئت في عام 2003 في عهد حكومة دولة فيصل الفايز لم يكن ملف الأحزاب ضمن اختصاصها، وإنما كان ضمن اختصاص وزارة الداخلية ، ونقل فيما بعد إلى وزارة التنمية السياسية ، ولكن منذ ذلك الحين والوزارة تقوم بمهام كثيرة ومهمة، منها التوعية والتثقيف السياسي بمختلف مضامينه ، وقامت منذ تلك الفترة بعمل حراك توعوي نشط، وجالت الوزارة من خلال كوادرها جميع محافظات ومناطق المملكة ، وتقلب على الوزارة العديد من الوزراء منهم من زادها نشاطا ، ومنهم من أخفق في تفعيلها ، وكوني كنت أحد كوادر هذه الوزارة سابقا ومطلع على أدوارها ومهامها، فأقول وبحكم خبرتي العلمية والعملية أن هذه الوزارة من أهم الوزارات بهذا الشأن ، فهذه الوزارة ظلمت وما زالت تظلم منذ ذلك الحين أي منذ تأسيسها ، حيث بدأت سهام النقد وقوى الشد العكسي توجه لها ، ومحاولة إعاقة عملها في محاولة لإفشالها، ونعتت في ذلك الحين بمسميات عديدة منها وزارة علاقات عامه ، ووزارة خالية من الدسم، وغيرها من المسميات ، ولكن وللأسف لم يكن لهذه الوزارة بواكي يدافعون عنها سوى البعض من المسؤولين والعبد الفقير لله كاتب هذه السطور ، حينما كتب عدة مقالات دفاعا عنها، ومد يده للحوار المباشر بشأنها ، فهذه الوزارة لو تجد بعض القيادات القوية من الصف الثاني لقيادتها وإدارتها من ذوي الخبرة والكفاءة والاختصاص في موضوع التنمية السياسية بشموليته مع الاحترام لجميع الزملاء ، فمنهم من كان على قدر المسؤولية بهذا الشأن ، وقدم الكثير لها وترفع لهم القبعات، لكن حينما دخل موضوع الواسطة والمحسوبية والإنزال بالبراشوت للبعض القليل من قادتها تراجع وضعف دورها وأدائها ، فعاشت فترات ذهبية في العطاء ، وخبت في بعض الفترات ، ولذلك هذه الوزارة لم ولن ينتهي دورها لو أتيح لها أن تمارس دورها الحقيقي بكل قوة من خلال تولي زمام أمورها لذوي الخبرة والمهارة والكفاءة والاختصاص ، والدليل على أهمية هذه الوزارة هو اهتمام النظام السياسي بها من إشراك وزيرها آنذاك في عضوية اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ، فالوزارة فعليا الآن بدأ دورها الحقيقي بعد نفاذ مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية من قوانين الأحزاب السياسية والانتخاب ، وخصوصا ونحن مقبلون على أول انتخابات نيابية بموجب القانون الجديد الذي يتضمن قوائم وطنية ومحلية حزبية، وهذا يقع على عاتقها مسؤوليات جسام في المرحلة المقبلة ، وهنا أوجه النداء لمعالي الوزير الجديد للاستعانة بذوي الخبرة لوضع الخطط والبرامج التنفيذية للمرحلة المقبلة لتنشيط الحياة الحزبية والسياسية ، وتحفيز الناس على الإقبال على المشاركة في الانتخابات بنهم وكثافة لرفع نسبة الاقتراع، لأن الأصل في هذه الوزارة أن تلعب دور المايسترو والقائد المنظم والمنسق لعمل كل المؤسسات المعنية بهذا الشأن ، وأن تكون الموجه والمشرف على أداء المؤسسات المجتمع المدني حتى يكون الأداء والمضمون متناغما ومنسجما بين جميع هذه الوزارات والمؤسسات سواء الرسمية أو الأهلية بالنسبة لما يطرح من حوارات أو محاضرات سياسية وحزبية حتى لا يكون هناك تناقص أو تضارب في المعلومة ، بما يشتت فكر الناس، أو تزويدهم بمعلومات مغلوطة غير قانونية أو بالأصح غير متوافقة مع الدستور والقوانين السياسية، هذا بالنسبة لشق التنمية السياسية.
أما بالنسبة للشق البرلماني فقد كان للوزارة دور مهم جدا في تفعيل النصوص الدستورية لتمكين اعضاء مجلس الأمة من أداء دورهم الرقابي من خلال متابعة الاسئلة المقدمة منهم مع الوزارات المعنية بحيث أصبحت الحكومات تقوم بالإجابة على اكثر من 96% من اسئلة السادة النواب والأعيان وهذا الأمر لم يكن متاحا قبل انشاء وزارة الشؤون البرلمانية والتي دمجت مع وزارة الشؤون السياسية واستمر العمل الدؤوب بهذا الإتجاه بما أفضى إلى رفع نسبة الإجابة على أسئلة السادة النواب المحترمين ، وهذا الامر لم يكن موجودا في السابق حيث لم تكن نسبة الاجابة تتجاوز 50% مع وجود وحده أو مديرية متخصصة في رئاسة الوزراء والتي أشار لها الوزير السابق سميح المعايطة ، إن الدور المهم الذي تقوم به الوزارة هو الترجمة الفعلية لرؤية جلالة الملك بإعطاء أعضاء مجلس النواب حقهم في ممارسة دورهم الرقابي وتفعيل النصوص الدستورية التي تنظم هذا الحق، وهو متماهي تماما مع رؤية التحديث السياسي التي أطلقها جلالته ، والوزارة ستكون هي الجهة صاحبة الاختصاص وبيت الخبرة والذراع الحكومي المختص في التعامل مع البرلمان القادم الذي سيتضمن 41 مقعدا مخصصا للأحزاب بحيث سيكون لهذا البرلمان أداء سياسي ورقابي مختلف عن البرلمانات السابقة، وصولا للحكومات البرلمانية كما هو مخطط له وفق مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ،
وفي الختام أقول لمعالي سميح المعايطة لك كل الشكر والتقدير على إثارة هذا الموضوع وفتح هذا الملف لطرحه على طاولة النقاش والحوار بكل شفافية ووضوح ، وكما يقولون الفرس من الفارس في تفعيل وتنشيط المهام والواجبات الموكلة لهذه الوزارة ، أو في إضعاف دورها وتقويض دورها في تنشيط الحياة السياسية والحزبية ، وللحديث بقية.