أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم
مدار الساعة ـ
هل بدأ التحالف الغربي ضد روسيا
عندما بدأت الحرب الروسية الأوكرانية أو ما سمتّها روسيا "العملية العسكرية الخاصة" تَداعى الغرب وبالذات حلف الناتو (30 دولة) بزعامة الولايات المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي (27 دولة) وبريطانيا، إلى نُصرة أوكرانيا بل إن الولايات المتحدة أسَّست لتحالف ضم (50) دولة من كل دول العالم لمساعدة أوكرانيا وبالذات عسكرياً، وذلك فضلاً عن فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا والتي تجاوزت (600) عقوبة منها ما هو على الدولة الروسية، ومنها ما هو على الشركات الروسية، بل وعلى الأفراد الروس كأصحاب الملايين (ما يعرف بالأوليغارشية) الروسية.
إنّ الجديد على التحالف الغربي ضدّ روسيا الآن هو أن هذا التحالف بدأ يتصدّع والدليل على هذا التصدُع عدة مؤشرات مهمة منها:
أولاً: إعلان رئيس الوزراء البولندي " ماتيوز موراوسكي" رسمياً أن بلاده لن تورّد مزيداً من الذخائر إلى أوكرانيا، وسوف تتفرغ من الآن فصاعداً لتدعيم قواتها المسلحة، وإذا تذكرنا أن بولندا كانت الدولة الأكثر تحمساً لنصرة أوكرانيا عسكرياً، والأكثر استقبالاً للاجئين الأوكران، والأكثر حدة في المواقف السياسية ضد روسيا أدركنا أهمية هذا التطور.
ثانياً: فوز الحزب السلوفاكي اليساري (ديمقراطي اجتماعي) الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق "روبرت فيكو" في الانتخابات الأخيرة وهو حزب يطالب بوقف المساعدات لأوكرانيا، وينتقد الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي (الناتو)، وقد تعهد "فيكو" هذا بألّا ترسل بلاده "قطعة ذخيرة واحدة" إلى أوكرانيا"، كما دعا إلى تحسين العلاقات مع روسيا.
ثالثاً: حذف "الكونغرس" الأمريكي لبند المساعدات الأمريكية لأوكرانيا ضمن حُزمة التمويل الهادفة إلى تحاشي الإغلاق الفيدرالي الأمريكي (قانون إنفاق مؤقت يبقي الحكومة الفيدرالية في عملها لمدة 45 يوماً آخر)، ومن المعروف أن الكثيرين من الحزب الجمهوري يعارضون المساعدات الكبيرة التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا، ولذا فقد وعد الرئيس الأمريكي "بايدن" بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن أوكرانيا وأنّ على الجمهوريين أن يكفّوا عما أسماه "التلاعب".
رابعاً: توجه القيادة الأوكرانية التي عبّرت عنها بوضوح تصريحات الرئيس "زيلينسكي" إلى الاستعاضة عن المساعدات العسكرية الخارجية من خلال بناء صناعات عسكرية في الداخل الأوكراني، الأمر الذي يدل بوضوح على أنّ خشية القيادة الأوكرانية من تصدع التحالف الغربي المُساند لأوكرانيا هو حقيقي ويجب التحسب له، ومن الجدير بالذكر أنّ إقامة صناعات دفاعية داخلية في أوكرانيا ودعوة الشركات الغربية للمساهمة فيها هي أمر عسير بسبب تردد الجهات الاستثمارية "عادةً" من الاستثمار في بيئات غير آمنة، وبسبب إمكانية تعرضها للتدمير على يد القوات الروسية التي تملك التفوق الجوي والصاروخي فضلاً عن معرفتها للمعلومات الحساسة عن الداخل الأوكراني.
إنّ من المتوقع أن يتفاقم هذا التصدع وبذلك بحكم أن الشعوب الغربية (الأمريكية والأوروبية) هي شعوبٌ عقلانية (Rational) بدأت تدرك أن لا مصلحة لها في استمرار هذه الحرب بكلفتها العالية (166 مليار حتى الآن)، وحيث أن هذه الشعوب محكومة بأنظمة ديمقراطية تحتكم إلى صناديق الاقتراع فإن من المتوقع أن يفوز التعقل والجنوح إلى الحلول الوسط التي يمكن أن تسهم في بلورة تعاطي معقول لهذه الأزمة التي عانى منها العالم أجمع.
إنّ هذا التصدع لن يحدث بشكل متسارع ولكن بشكل بطيء ولكنه ثابت، ومن هنا تأتي أهمية الجهود التي يمكن أن يبذلها العقلاء في سبيل إنهاء الصراع بحيث يحقق جميع الأطراف أهم أهدافهم وذلك بتبني استراتيجية (رابح – رابح) (win – win strategy)، وأعتقد أن ذلك ليس بمستحيل إذا أُتفق على تحييد أوكرانيا وعدم ضمها إلى حلف الناتو، وإذا أُتفق على إعطاء المواطنين ذوي الأصول الروسية المتكلمين بها (في منطقة الدونباس) نوعاً من الحكم الذاتي، وإذا أُتفق أخيراً على "وضعية خاصة" لشبه جزيرة القرم التي كانت روسية حتى عام 1954 عندما ألحقها الرئيس السوفياتي الراحل خرشوف بأوكرانيا التي كانت إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي لأسباب تنظيمية، والتي هي مقر الأسطول الروسي في البحر الأسود باتفاقيات طويلة الأجل حتى وهي جزء من أوكرانيا.
مدار الساعة ـ