كنا طالبنا عبر هذا العمود بان يتم اختصار مدة خطة التحديث الاقتصادي التنفيذية الى خمس سنوات بدلا من عشرة بما في ذلك رفع نسبة النمو المستهدفة لاكثر من ٥٪ مع نهاية الخطة لان عامل الوقت ليس في صالح الاقتصاد الذي ينوء وسط منافسة قوية في الاقليم.
سيقال ان عامل التمويل مهم وسنقول ان توجيه الانفاق الى مكانه الصحيح وهو الانتاج يعادل توفر التمويل.
اخر شعارات تحفيز الاستثمار يتحدث عن التشاركية بين القطاعين العام والخاص ونحن نقول ان مثل هذا الشعار غير لازم فما يتعين على القطاع العام هو ان يتولد لديه قناعة تامة بان يكون خادما للقطاع الخاص وليس سيدا له فالقطاع الخاص يريد ان يعمل وهو لا ينازع القطاع العام سلطاته والاخير يجب ان يلتزم دور الرقابة والتنظيم وعليه اولا واخيرا تسريع اتخاذ القرار.
آلية صنع القرار مازالت مكبلة بالبيروقراطية والروتين لكنها ليست وحدها أسبابا وراء التردد في إتخاذ القرار وتعطيل المشاريع.
الحكومة اي حكومة ترث هذه المعضلة ولا تخفي تمسكها بالبيروقراطية فمن وجهة نظرها كانت على الدوام «حامية» الإدارة العامة من الفساد, لكن هل هذا ما حدث فعلا؟.
لا علاقة بين البيروقراطية والتحصين ضد الفساد, كما أن لا علاقة بين سرعة اتخاذ القرار والوقوع في الخطأ فهذه النظرية ما هي الا شماعة يتعلق بها كل مسؤول يفضل «تجميد« العمل خوفا من الإتهام أو على طريقة سكن تسلم.
في اتجاه اخر بعض الوزراء وبعض الحكومات كانت تبني قراراتها على وقع ما يقال في مواقع التواصل الاجتماعي بينما وزراء وحكومات تدعو الى عدم بناء المواقف وفق ما ينشر في هذه المواقع، والخطاب الرسمي فقط يحتاج الى توفير المعلومات والبيانات لا اقل ولا اكثر.
التردد في اتخاذ القرار خشية الوقوع في شبهة الاتهام بتداخل المصالح أو المحاباة لا يعيق امل الحكومة بل يشل البلد ويعطل مصالح الناس.
وإن كان هؤلاء المسؤولون لا يعلنون صراحة الأسباب الحقيقية التي تقف وراء رغبتهم في تأجيل البت في المشاريع الا أن أصحاب هذه المشاريع لا يحتاجون الى كثير جهد لتلمس الأسباب وهي الخوف من إتخاذ القرار
لا خلاف على أن محاربة الفساد واجتثاثه أولوية لكن الحماسة والجهد الكبيرين للوصول الى اقتصاد نظيف من آفة الفساد يجب أن لا يمنع من التحذير بأن محاربة الفساد لا يعني تردد المسؤول في اتخاذ القرار.
ليس هناك مصلحة في تعطيل أعمال الناس مواطنين ومستثمرين بحجج وذرائع غير منطقية مثل الخشية من الإتهامية فالأردن لديه فرصة لم تتوفر كما هي اليوم لإستقطاب استثمارات خارجية, لكن لديه فرصة أكبر لحفز المدخرات الوطنية بتحريك مشاريع يرغب رجال أعمال أردنيون في تنفيذها, مثل الناقل الوطني!.
ما دامت آلية صنع القرار وآلية اتخاذه ما تزال مكبلة بالبيروقراطية والروتين ستبقى مسألة إصلاح القطاع العام قضية متعثرة.