لم يعد مطلوباً أن يتم تفتيت الوطن العربي إلى جزيئات صغيرة فوضعه الراهن المؤلف من 22 كياناً اكثر من كاف، ماذا تريد اسرائيل بعد؟.
تطرح اسرائيل ما يسمى بالسلام الاقتصادي بديلا عن السلام الذي يقابله اعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والانسحاب من الاراضي العربية التي احتلتها عام ٦٧ وتريد من العرب طي هذه الصفحة، وأن ينسوا القدس باعتبارها مدينة مثل أي مدينة في العالم لا تعني لهم شيئاً لكنها بالنسبة لاسرائيل هي العاصمة الأبدية.
الشرق الاوسط بعد الربيع العربي اصبح جديداً كلياً، فهو اكثر دموية وتخلفا ونزاعات وكان هذا هو المطلوب ولا نزعم هنا انه قبل ذلك كان افضل حالا.
الزحف نحو الديمقراطية الذي عبرت عنه كونداليزا رايس إن كنتم تذكرون كان المقصود به هو احلال انظمة اقل تشددا حيال القضية الفلسطينية واكثر قبولا لاسرائيل كجزء اصيل في المنطقة حتى لو تكلف ذلك انهيارا كاملا في كل شيء وقد حصل.
لم يعد المطلوب الآن تفتيت كل واحد من الكيانات العربية جغرافيا فقد تكفلت العرقيات والمذهبيات بذلك تماما.
وبذلك فان إسرائيل لن تكتفي بان تنام قريرة العين وتأمن على مستقبلها فقط بل ان تتربع على عرش هذا المستقبل وتمسك بدفة القيادة.
لن تحتاج القوى العالمية وفي مقدمتها اميركا اليوم الى التخطيط لتفتيت الوطن العربي والشرق الاوسط وهي لن تحتاج الى انفاق كثير من الجهد ومن التخطيط وأدوات للتنفيذ، ففيما بعد الفوضى الخلاقة اصبحت الظروف مواتية واكثر سهولة فالشرق الأوسط الجديد بات اكثر جاهزية لتحقيق تلك الاهداف ذاتيا.
لم تنته الفوضى والخلخلة التي أطلق عليها اسم الربيع العربي بعد، وهي الآن تؤتي اكلها وما كانت شعارات الديمقراطية ومحاربة الفساد والاحتجاج على ارتفاع الأسعار الا غطاء قاد الى النتائج التي نراها اليوم.
التفتيت المذهبي والعرقي هو أحد النتائج السريعة للربيع العربي، في ليبيا واليمن والعراق وسوريا.
قبل فترة تعجل بعض المحللين بان تشكيل الشرق الأوسط الجديد واجه نكسة او انه فشل والصحيح انه كان يسير نحو اهدافه بنجاح.
خطة الشرق الأوسط الجديد في نهاية التشكيل ففي هذا الوقت الذي يتعرض فيه الوطن العربي لهجمة مصيرية يغيب الوعي.
هل بات ان نسعد رد فعل قومي متأخر؟.
هذا السؤال سيبقى معلقا بالهواء، لكن يكفي التذكير بان القدس كانت وستظل مدينة البداية وهي ليست مثل اي مدينة في تاثيرها ولا في مكانتها.