في مقالي هذا، لا أريد أن أكرر وأستفيض بما يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني من دفاع عن القضية المركزية الأولى عند العرب جميعاً فلسطين وصراعها الممتد مع أطول احتلال في التاريخ الحديث، فالكل يعلم أن جلالته هو القائد العربي الوحيد الحامل للواء الدفاع عنها للأسف ولكن دون حمداً أو شكوراً والذي لا ينتظره من أحد ، في ظل حالة التشرذم العربي وسباق التطبيع والتطويع.
إن كل منابر الدنيا تشهد للخطاب القوي الفهيم الواعي والمدرك للأخطار المستقبلية التي تتبناها المملكة الأردنية الهاشمية ،وتحذر منها ،ولكن ظهر جلياً اليوم في ظل الاجتماعات والجلسات والخطابات واللقاءات في الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن هناك بعض التغييرات التي ستشهدها منطقتنا وإقليمنا خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ فبعد أن مر هذا الصراع بمعارك وحروب ومن ثم مفاوضات واتفاقيات سلام عامة واتفاقيات سلام خاصة لتقرير المصير (أوسلو) ، وتطبيع ، يظهر لنا بأن نتنياهو دائماً يراهن ويلعب على ورقة الوقت، نعم الوقت لتطويع أطراف المعادلة كافة بعد التغير في حسابات بعض أطرافها سواءً بضعف وتراجع أو حتى الانسحاب لدورها في هذا الصراع، أو قوة الطرف الآخر وتسلطه .
اليوم، تضرب إسرائيل بقرارات العالم والشرعية الدولية عرض الحائط، فالمستوطنات باتت تتمدد بصورة كبيرة جداً، والتغول على حقوق الفلسطينين وكراماتهم وحياتهم يزداد بشكل يومي، وانتهاك المقدسات بالعلن والتطرف والتشدد نحو اليمين يزداد سواءً بالشارع الإسرائيلي أو نظامه الحاكم؛ فنتنياهو الذي عاد للسلطة منذ العام 2009 إلى اليوم دائماً ما يلعب على عامل الوقت، ويعمل على زيادة تمدد إسرائيل في علاقاتها بالمنطقة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية سواءً كانت جمهورية أو ديمقراطية لكونها لن تتخلى عن ابنها العاق مهما حدث، من خلال إقناع العالم بأن الصراع مع فلسطين لا يشكل إلا جزءاً بسيطاً في إقليم محاط بأعداء إسرائيل أي العرب، وأن هدفه هو السلام الخارجي مع الدول المحيطة به لتحقيق التقدم والازدهار لجميع شعوب المنطقة، ومن ثم النظر فيما يتعلق بالداخل وعلاقاته مع الفلسطينيين.
لا شك أن البعض يقول إن أوسلو وما قامت به السلطة الفلسطينية العاجزة أعطت ضوءاً أخضر للعرب بالتقارب مع إسرائيل، ولكن الأصل والواجب على الدول العربية قبل أي تقارب، أن لا تمنح إسرائيل الشرعية في التغول والتغطرس على حساب الشعب الفلسطيني.
رغم أن السلطة موجودة وتحاول أن تبقى بالواجهة على أنها الممثل للشعب الفلسطيني، إلا أن هذا الواقع غير صحيح، فالداخل الفلسطيني يرفض السلطة ولا يرغب بتواجدها كممثل له، هذا استناداً لنتائج الانتخابات التي حدثت قبل ما يقارب الـ 17 عاماً، ولا أظن بأن النتائج تتغير لمصلحة السلطة في ظل حالة الضعف والوهن التي تعاني منها منذ سنوات.
المنطقة مقبلة على انفتاح إسرائيلي مع دول عربية جديدة، وهذا ما يظهر لنا من خلال اللقاءات والتصريحات والمباحثات وملامح هذا التقارب الذي سوف يحدث لا محالة عاجلاً ام اجلاً ، ولكن يجب أن لا يكون هذا الانفتاح على حساب الداخل الفلسطيني بالأصل .