الأوضاع الحالية للأندية الرياضية في الأردن بدأت تأخذ مسارات غير مألوفة أو غير معتادة، والأمر يدل على تعاظم الأوضاع الاقتصادية الصعبة والتحديات المتزايدة لتلك الأندية، وبالمقابل تطفو قضية خصخصة الأندية الرياضية الأردنية على السطح، إذ يرى البعض أن هناك حاجة ملحة لتحويل الأندية من جمعيات إلى شركات تعمل وفق معايير الحوكمة والإدارة المالية المحترفة.
السعي نحو خصخصة الأندية يظهر كحل محتمل لتحقيق استقرار أكبر وفعالية أكثر في إدارة الأمور، فالتحول إلى كيانات تجارية، يمكن الأندية من تطبيق معايير الحوكمة الصارمة وإدارة الموارد المالية بشكل أكثر فعالية.
الأندية العالمية المحترفة توفر نموذجا يمكن الاقتداء به، حيث تعتمد بشكل رئيسي على العقود التجارية والرعايات، مثل العقود التلفزيونية والرعايات التجارية، كمصادر للإيرادات، في حين تسعى العديد من الأندية الأردنية للتوسع في مصادر إيراداتها، ويعتبر تطوير الهيكل التنظيمي والإداري خطوة أساسية نحو تحقيق هذا الهدف.
ومع الأسلوب التقليدي الذي تدار به الأندية الرياضية، وضعف الإدارة والتخطيط المالي، يكتسب الاحتراف أهمية خاصة، فالاحتراف يجب أن يشمل المنظومة بأكملها: هيئات عامة، مجالس إدارة، جهاز تنفيذي، وليس اللاعبين فقط.
والمنتج الرياضي يحتاج إلى تحسين مستمر، ويجب أن يتوقف الاعتماد الكبير على طلب الدعم، فعند تحسين المنتج الرياضي، يمكن أن يصبح القطاع الخاص أكثر اهتماما، ويكون على استعداد للمشاركة بشكل أكبر في الدعم والرعاية.
لذلك، يتطلب الأمر التحول الجاد والمسؤول نحو نموذج تنظيمي يتميز بالكفاءة والاستقلال المالي، لضمان الاستقرار والنجاح في تحقيق الأهداف الاستراتيجية والتقديم المستمر لجميع المعنيين، ولدعم تطوير البيئة الرياضية والاقتصادية في المملكة.
الأسباب الاقتصادية التي تبرر الحاجة إلى خصخصة الأندية متنوعة، إذ تفتقر الأندية إلى الحوكمة الجيدة وإدارة مالية رشيدة وأهداف ميزانياتها وتقييم ومساءلة فعّالة، فالمستثمر عندما يبدأ ضخ السيولة، فإنه يسعى لتحقيق التقدم والنجاح، سواء بتطوير اللاعبين أو جلب عقود جديدة أو تحسين إدارة النادي.
فالأندية الرياضية تدار بأسلوب تقليدي، وتتخذ من الجمعيات الشكل القانوني، مما يفتقر إلى مستويات متقدمة من الحوكمة والإدارة المالية والمحاسبة، خاصة وأن الإحصائيات تشير إلى أن الأندية كانت تتلقى دعما ماليا من اتحاد كرة القدم، ولكن هذا الدعم تراجع بمرور الوقت.
ومن هنا تأتي الحاجة إلى الخصخصة من الرغبة في تحسين الإدارة والحوكمة، وتحقيق الاستقرار المالي، وتطوير الأداء والقدرات، وتعزيز الشراكات والتعاقدات والرعايات، إذ ان معظم الأندية تعاني ضعفاً في الإدارة، وفي التخطيط المالي، مما يؤدي إلى تراكم الديون وعدم الاستقرار المالي، فإن الإدارة الرشيدة والمحاسبة الدقيقة قد تسهم في حل هذه المشاكل وتحسين الأوضاع المالية للأندية.
ولابد من الإشارة والتذكير بأن الأندية في العديد من الدول الأخرى تعمل كشركات تدير نفسها، وتتحمل مسؤوليتها المالية، بينما يبدو أن الأندية الأردنية تعتمد بشكل أساسي على دعم الدولة الرعوية، مما يعرضها للضعف والعجز المالي.
وعليه، لا بد من النظر بجدية في مسألة خصخصة الأندية الأردنية وتحويلها إلى شركات قادرة على الاستمرار وتحمل المسؤولية المالية، إذ ان هذا التحول يمكن أن يوفر للأندية الفرصة لتحقيق الاستقرار والنجاح في ظل تحديات اقتصادية متزايدة، وبالتالي يسهم في تعزيز النشاط الرياضي والاقتصادي في المملكة.