مدار الساعة - بقلم: محمد الحواري*
مرة أخرى يقولها جلالة الملك عبدالله أمام الجمعية العامة للامم المتحدة، ويوجه نداءه الى دول العالم كافة من أجل العمل بتشاركية من أجل مواجهة الأزمات، والتحديات المختلفة، وبخاصة التغير المناخي وآثاره من أجل بناء مستقبل أفضل..
هذه الرسالة من جلالته التي وضعت أمام هذه المحفل الأممي والدولي الهام، جاءت مضامينها بشكل واضح بذات المضامين التي طرحها جلالته في العام الماضي في ذات المكان، في رسالة واضحة أن العالم ككل لم يقم بالدور المناط به، ونتيجة لذلك أصبحت هناك مخاوف من "المستقبل المظلم الذي سوف يورث للأجيال القادمة..".
حديث جلالته جاء كقائد عربي، وشخصية عالمية من أجل الأجيال القادمة في ظل التحديات التي يواجهها العالم، والتي ذكرها جلالته بوضوح، وعندما نقرأ بين السطور، نذكر هنا الجهود الملكية في قطاع حماية البيئة، واهتمام جلالته المستمر، وقد تجلى ذلك لدينا في تأسيس وزارة البيئة، كجهة مختصة بحماية البيئة على مستوى المملكة، بموجب قانون مؤقت عام 2003، وتم إقراره لاحقا من قبل مجلس الأمة ليصبح قانون حماية البيئة رقم (52) لعام 2006.
والمتابع لنشاطات الوزارة يجد على موقعها الالكتروني صلاحياتها، ومهامها، والمؤسسات العاملة في القطاع، إضافة إلى رسالتها في ”حماية البيئة.. والمساهمة في تحقيق تنمية مستدامة..ونشر الثقافة البيئية وتعديل السلوك الفردي والمجتمعي بإتجاه الوعي بالقضايا البيئية..”، ولكن جولة قصيرة في شوارع العاصمة تجد من الصعوبة بمكان تحقيق هذه الرسالة (رسالة عمل الوزارة) على أرض الواقع بشكل كامل بسبب حجم المركبات الهائل الذي يجوب الشوارع منذ الصباح الباكر وحتى اخر الليل، وتجد حجم الاختناقات المرورية التي تضخمت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، وحجم الانبعاثات لثاني أكسيد الكربون، ويرى خبراء في البيئة أرتباطا واضحا بين التحولات في درجات الحرارة، وأنماط الطقس، وهذا ما أدركناه في الأردن في السنوات الأخيرة من انخفاض معدلات هطول الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، وهذا من أثار التغير المناخي!
نحن بحاجة إلى تغيير أنماط التنقل لدينا، وخاصة بين فئة الشباب التي أصبحت تستدين من أجل شراء سيارة بمبلغ لا يستهان به، والاستعاضة عنه "بالڤسبا" الأقل كلفة، فمعظم دول العالم المتقدم أخذت بـ" بالڤسبا" كخيار رئيسي في التنقل، ومن يذهب إلى كبرى العواصم الأوروبية، والعواصم العربية مثل بيروت، والقاهرة، والجزائر، وتونس، والرياض، ودبي، يجد هذا الخيار منتشر بطريقة كبيرة، فهل هم على خطأ، ونحن على صواب؟!
نحن في الأردن أولى أن نأخذ بهذا الخيار في ظل التحديات التي تواجه الشباب في البحث عن فرصة عمل، وقد لا يجدها إلا من خلال استخدام هذه "النموذج" الذي هو صديق للبيئة، ويسهم في تخفيض فاتورة التنقل على جيب العائلة الأردنية، ويعزز قيمة اختصار الوقت لإنجاز أشياء أخرى.
هناك قصص نجاح عديدة لزملاء، وناشطين، يستخدمون"الڤسبا" في حياتهم اليومية، من وإلى عملهم، ولا يواجهون المشاكل، وهم: انتصار كريشان، واسامة حجاج، ووكاتب هذه السطور محمد حواري، وغيرهم كثير، وعندما تسأل عن التجربة، يحدثونك عن قيمة التغيير الإيجابي الذي حدث في حياتهم..
اليوم، تم افتتاح أهم حدث ثقافي أردني، وهو معرض الكتاب عمان الدولي للكتاب 2023 تحت الرعاية الملكية السامية، وللاسف معظم الأسئلة التي تأتي للقائمين عليه كيف نصل إلى المعرض، وماهي وسيلة المواصلات المناسبة؟
للاسف لا يتوفر – حتى كتابة هذه السطور- خطوط مواصلات لنقل رواد المعرض من وإلى أقرب نقطة! لأن خطوط المواصلات لا تستطيع أن تصل إلى كل مكان لعدة اعتبارات، كما أن خدمة الباص السريع لا تكفي..
وتسأل؛ لماذا لا ينظر صاحب القرار في أي مؤسسة إلى مصلحة المواطن بالدرجة الأولى، ويتجنب التضييق عليه لأسباب غير مفهومة، ولماذا لا تصبح قيادة "الڤسبا " فقط على رخصة القيادة، ولماذا لا تلغى كل الموافقات، ولماذا..؟
أمس خرج زميل صحفي على أحد البرامج الصباحية، وقال "إن حجم قروض الأردنيين من البنوك لغايات شراء السيارات تجاوز 500 مليون دينار"، فكيف يسهل صاحب القرار هنا، وكيف يصعب هناك؟
النهج الملكي يتحدث عن البيئة، وسبل المحافظة عليها، ويتحدث أيضا عن كيفية "بناء مستقبل أفضل" للعالم، وللأردنيين في أكثر من مناسبة، وهذا المستقبل جزء منه وسيلة النقل الخاصة بهم..
فلماذا تتعثر ثقافة استخدام "الڤسبا" في الأردن، ولماذا لا نجد التسهيلات المطلوبة من قبل أصحاب القرار في مؤسساتنا، ولماذا لا تقود أمانة عمان الكبرى مثلا مبادرة نوعية في هذا المجال للتشجيع على استخدام هذه الوسيلة "الڤسبا" مثل دبي، والرياض التي فتحت المجال لاستخدامها على الرغم من تعدد انماط النقل الشخصي الذي تعمل عليه حاليا، وانخفاض اسعار الوقود!
*ناشط اجتماعي، ومالك " ڤسبا"