ما بين أدب السياسة وجلال الملوك ... يستقرىء كل متابع للخطاب الملكي مضامين الحكمة التي اعتلى بها مليكنا الهاشمي مراتب قادة العالم ، فجاء الخطاب في قوة بينة وخطاب دقيق ، استجمع ما يلزم من التوازن الإنساني العادل مع قوة بارزة لكل ما يخص ثوابت المملكة الأزلية في التزاماتها بقضاياها العربية والدولية والإنسانية.
الملك ... وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين المنعقدة في نيويورك ، وجه رسائل عدة بلغة لا تعرف المهادنة ولا المجاملة، حملت مضامين قومية وانسانية وأمنية ، تحمل الاردن عبؤها وتبعاتها على مدار عقود طويلة ، وما زال متمسكا بالثوابت التي لم يحد عنها يوما .
انسانيا ... وضع الملك العالم أمام مسؤولياته تجاه الشعوب المستضعفة واللاجئين حين وصفهم بانهم إخوة لنا وليسوا مجرد ارقام واحصائيات ، مؤكدا التزام الاردن بمسؤولياته تجاه اللجو السوري ، رغم شح الموارد وقلة الدعم لاستضافتهم ، مما حمل الاردن أعباء اقتصادية وسياسية في ظل غياب أفق لحل سياسي للازمة السورية ، وبقاء ملف اللاجئين دون حل ، اضافة الى ملف تهريب المخدرات والمتفجرات الى الاردن من سوريا.
التحذير الملكي من غياب حل سياسي للأزمة السورية ، بما يتوافق والقرار الأممي 2254 ،وما اقترحه الاردن من خارطة طريق لحل الازمة وتبعاتها تدريجيا ، يحتم علينا كما قال الملك ، حماية بلدنا من أية تهديدات مستقبلية جراء هذه الأزمة، تمس أمننا الوطني.
القضية الفلسطينية .. لم تغب يوما عن الخطاب والوجدان الملكي ،والنبرة الهاشمية تحمل فلسطين القضية في كل المحافل الدولية ، وتحمل رؤية سياسية وانسانية تلامس عمق الانسان الفلسطيني في التطلع لحياة كريمة عنوانها دحر الاحتلال و حق الشعب الفلسطيني بالحرية واقامة دولته المستقلة وفق القوانين التي نصت عليها الأمم المتحدة، ضمن رؤية حل الدولتين، واحلال السلام الشامل والعادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ما أكد عليه الملك حول الشباب الفلسطيني ، كان جرس انذار فيما يتعلق بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)،فحين يفقد هؤلاء الشباب الأمل في التعليم تحت العلم الأممي سيدفعهم للتعلم تحت أعلام التشدد والتطرف.
الوصاية الهاشمية ... هي من الثوابت في السياسة الأردنية التي لم يخلو خطابا ملكيا من التأكيد عليها، وعن ومواصلة الأردن التزامه بالمحافظة على هوية القدس وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.
الخطاب الملكي بكل معانيه، يعكس رؤيةَ قائد أمة، منشغل بأوضاعها وقضاياها ، والبحث عن حلول لاحتواء ما تواجهه من أزمات، واضعا الدول الكبرى أمام مسؤولياتها لأن تفعل شيئا ملموسا لمنع تعاظم الأزمات أو آثارها على كثير من الدول ومنها الاردن.