أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

(البوريه الأخضر)


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

(البوريه الأخضر)

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
في الموروث الإجتماعي لدينا, وحين تسرد الناس ذكرياتها مع الملك الراحل الحسين لا بد أن يقول أحدهم: (وإجاني ضابط من الحرس وأخذني من ايدي عند سيدنا)... وحين نتحدث عن ذكرياتنا مع الملك عبدالله بن الحسين لابد أن نعرج على موقف من مواقف الحرس الملكي, وكيف أنهم استطاعوا أن يفهموا نظرة الملك وإشارة يده.
ما زلنا أيضا في مجالسنا نتحدث عن حميدي الفايز, الجنرال الأسمر الذي ظل خلف الملك مطولا.. من هم في جيلي الذين تربوا على أغاني نجاة: (يا هاشم يا قمر الصحراء)... والذي تربوا على أغنية: (معه وبه إنا ماضون) كلهم شاهدوا حميدي الفايز.. و"الطاقية الخضراء» تزين جبهته, شاهدوا ابتساماته والمسدس المغروس على الخاصرة, كان وجهه يمثل ذاكرة للأيام الصعبة وزمن الحرب وزمن الصبر.
ما زلت أنا شخصيا أيضا, استمع للكبار في السن والذين خدموا في الحرس, عن محمد كساب المجالي (أبو طلال) الذي كان قائدا لحرس الراحل الحسين, ذاك الأسمر الفارع الطول... والذي عاش سنوات من الرضا والحب والصبر, والذي عاش معاناة الحرب, ومعاناة السهر وصرامة العسكرية الأردنية النجيبة..
من هم في جيلي لو أحضرت لهم كل وزراء الحكومات السابقة, ربما لن يعرفوا منهم إلا القليل ولكن لو عرضت صور: مخلد الشوبكي, عواد باشا المساعيد, حسين باشا المجالي.. حتما سيعرفونهم لأن وجوههم كانت حاضرة على التلفاز مع الحسين.. ولأنهم صاغوا مشهدا من الوفاء مع الناس, وقربوهم من الملك.. وأنتجوا حول القائد طوقا من الحب قبل طوق الحراسة.
في عهد الملك عبدالله–أطال الله عمره- شكل أمين القطارنة حالة أيضا, فقد كان امتدادا لزمن حميدي ومحمد كساب وعواد المساعيد وحسين المجالي, هي سمرة الوجه ذاتها والملامح البدوية بكل تفاصيلها, وحديث الناس ذاته لم يتغير... فما زلت أسمع من الأردنيين روايات عن أمين القطارنة وكيف فهم إشارة الملك وكي تصرف على الفور, وقدم الأطفال والعجائز والعشاق لسيد البلاد كي يسلموا عليه ويقبلوا وجنته.
الحرس الملكي لم يكن حالة عسكرية وأمنية, بل شكل حالة اجتماعية في الأردن... هم المؤسسة الوحيدة التي حين يذكرها الأردني في مجلسه يتحدث عنها بكل الحب, وهم الوحيدون الذين ساهموا بتدريس الناس ولثم جرحهم ومداواة مرضاهم, هم الذين كانوا يوصلون رسائل كل مكلوم وعاجز للملك.
الحرس الملكي ذاكرة وطن, وحين يتحدثون عن (سيدنا)... يفردون الذكريات الجميلة, وأنت لا تملك إلا أن تفتح عقلك وتدون بساطة الهاشميين وسماحتهم... لو قدر لي أن أتحدث عن شخصيات قادة الحرس فلن اتحدث عنهم في إطار الشخصية العسكرية فقط, بل في إطار المناهج التي تدرس للجيل الحالي...مخلد الشوبكي بحد ذاته كان قصة, وعواد سليم... وأمين القطارنة, والمهم أنهم ظلوا مدارس الوفاء للعرش, وظلوا منابر الرضا والحلم.
الحراسات في العالم ترتبط غالبا, بقصص الحماية وإطلاق النار, الاعتقال.. والكمين, إلا الحرس الملكي في الأردن, لم يفردوا للناس صفحات من تاريخ سلاحهم, ومن تاريخ عملياتهم ومن تواريخ يقضتهم وإفشالهم كيد الخصوم.. ظل تاريخهم الخاص مطويا في صفحات المجد, لكن الناس عرفتهم... المثال النجيب والعالي للعسكرية الأردنية العظيمة, عرفتهم كرجال الملك الأوفياء.. والأخلص له.
كم نحتاج لأن نعلم أولادنا تاريخ الحرس الملكي الخاص في الأردن, فهم المثال الحي والحقيقي للشخصية الأردنية العظيمة والجبارة.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ